Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
انتفاء الملزوم عند انتفاء لازمه. وقرىء لأذهب بأسماعهم بزيادة الباء، كقوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة [البقرة: 195] وفائدة هذه الشرطية إبداء المانع لذهاب سمعهم الجملة الثانية في الاستقبال بتحقق مضمون الأولى فيه، ومعنى قولك: لو أكرمتني أكرمتك تعليق تحقق مضمون الثانية في الماضي يتحقق مضمون الأولى فيه على سبيل التقدير. فيجب أن يكون كل واحد من مضمون الجملتين منتفيا غير محقق، أما عدم تحقق مضمون الأولى فظاهر لأنه مقدر التحقق بكلمة «لو» وأما عدم تحقق مضمون الثانية فلانتفاء شرط تحققه وهو تحقق مضمون الأولى في الواقع وقد تقرر أنه غير متحقق بل هو مقدر التحقق وإذ قد تبين انتفاء كل واحد من مضمونهما فلنبين انتفاء الآخر فنقول: من ذهب إلى أنهما لانتفاء الثاني لانتفاء الأول نظر إلى أن تحقق مضمون الأولى لما كان سببا لتحقق مضمون الثانية كان انتفاء مضمون الأولى في الخارج سببا لانتفاء مضمون الثانية فيه ضرورة أن انتفاء العلة في الخارج علة لانتفاء المعلول فيه، فإذا قيل: لو جئتني لأمركتك معلقا الإكرام بالجيء مع القطع بانتفائه في الخارج وتقدير وقوعه فيه كان اللازم انتفاء الإكرام في الخارج أيضا بناء على انتفاء سببه، وإن لم يكن العلم بانتفاء الحكم مطابقا لجواز أن يتحقق سبب آخر. ومن ذهب إلى أنها لانتفاء الأول لانتفاء الثاني يستلزم العلم بانتفاء الأول ضرورة أن العلم بانتفاء المسبب يدل على انتفاء الأسباب كلها فإن قوله تعالى: لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا [الأنبياء: 22] إنما سيق ليستدل بامتناع الفساد على انتفاء تعدد الآلهة دون العكس إذ لا يلزم من انتفاء التعدد انتفاء الفساد، فعلى هذا يكون قوله تعالى: ولو شاء الله لذهب بسمعهم استدلالا على انتفاء الملزوم وهو المشيئة بانتفاء اللازم الذي هو عدم الإذهاب فهو في حكم القياس الاستثنائي الذي رفع فيه نقيض التالي لينتج نقيض المقدم وهو أنه تعالى لم يشأ ذهاب سمعهم وأبصارهم وإن تحقق سببه وهو بلوغ القصيف والوميض إلى أقصى الغاية، فكان عدم مشيئته تعالى إياه مانعا من تحققه. ومن تأمل حق التأمل ظهر له أن كلمة «لو» في الآية لو جعلت لانتفاء الثاني لانتفاء الأول كان له وجه وجيه بل هو أوجه مما اختاره المصنف وأوفق لما ذكره في فائدة الشرطية، وذلك لأن حملها على ما اختاره يستلزم أن يكون المقصود من إيراد الشرطية انتفاء المشيئة بانتفاء لازمها وليس كذلك، بل المقصود بيان أن أسباب ذهاب السمع والبصر قد تكاملت وتمت إلا أنه انتفى لانتفاء المشيئة الذي هو مانع منه. ففيه بيان لتناهي القصيف والوميض إلى غاية الامتداد والقوة بحيث ينبغي أن يؤثر الرعد القاصف في ذهاب السمع والبرق الخاطف في ذهاب البصر لكن إنما تخلف عنهما مسببهما لفقد شرط تأثير السبب وهو مشيئة الله تعالى. قوله: (وفائدة هذه الشرطية) وهي قوله تعالى: ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم يعني أن فائدتها أمران: الأول إظهار المانع وهو عدم المشيئة
Page 348