Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
للدلالة على أن الغمام مطبق آخذ بآفاق السماء كلها إن كل أفق منها يسمى سماء كما أن كل طبقة منها سماء وقال:
ومن بعد أرض بيننا وسماء
أمد به ما في الصيب من المبالغة من جهة الأصل والبناء والتنكير. وقيل: المراد بالسماء السحاب فاللام لتعريف الماهية.
يعني أنه يسمى سماء مجازا كما أن كل طبقة منها تسمى سماء حقيقة واستدل عليه بقوله:
فاؤه لذكراها إذ ما ذكرتها ... (ومن بعد أرض بيننا وسماء)
والرواية الصحيحة «أوه» بسكون الواو وكسر الهاء وربما قلبوا الواو ألفا وقالوا آه من كذا»، وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء وقالوا: «أوه من كذا». وعلى التقادير كلها هي كلمة توجع تستعمل مع اللام أي توجعت لذكر الحبيبة وممن بعدها بحيث وقع بيني وبينها قطعة أرض وقطعة سماء تقابل تلك القطعة من الأرض. فالمراد بالأرض بعضها وبالسماء بعضها فلذلك نكرهما ليدل على الفردية ولو عرفهما لدل على أن جميع قطع الأرض وآفاق السماء حال بينه وبينها وذلك غير متصور ولما صح إطلاق السماء على كل ناحية وأفق منها، جيء بها في الآية معرفة باللام الاستغراقية ليفيد العموم ويدل على أن الصيب نازل من جميع آفاق السماء ولو نكرت لاحتمل نزوله من بعض الآفاق دون بعض.
قوله: (أمد به) خبر بعد خبر لقوله: «وتعريف السماء» والظاهر أن أمد على بناء المجهول ليطابق المبتدأ في عدم التعرض للفاعل وإن كان على بناء الفاعل يكون مسندا إلى ضمير الجلالة. والمعنى أنه زيد وقوي بتعريف السماء الدال على عموم الآفاق على ما في صيب من المبالغة فإن فيه مبالغة من ثلاث جهات: من جهة الأصل أي المادة فإن للصيب مادتين كل واحدة منهما تدل على المبالغة مادته الأولى هي الحروف يتركب هو منها وهي الصاد التي هي من المستعلية المطبقة والياء المشددة والباء التي هي من الشديدة، وقوة صيغة المادة تدل وتنبىء عن المبالغة في مدلول الكلمة، ومادته الثانية هي مأخذ هذه الصيغة وهي الصوب فإنه نزول شديد له وقع وتأثير. والجهة الثانية من جهات المبالغة جهة البناء أي الصورة فإن «فيعلا» صفة مشبهة دالة على الثبوت بخلاف الصائب فإنه يدل على الحدوث. والجهة الثالثة جهة التنكير الدال على التعظيم والتهويل ولما كان في صيب مبالغة من هذه الجهات الثلاث أمد ما فيه من المبالغة بأن قرن بقوله: «من السماء» معرفة دالة على أنه مطبق نازل من السماء كلها وهذا على تقدير أن يراد بالسماء الأفق. وقيل: المراد بها السحاب سمي بها لكونه في جهة العلو فإن السماء اسم من سما سموا أي ارتفع فالسماء على كل ما سما أي ارتفع وعلا
Page 335