271

Hashiya Cala Tafsir Baydawi

حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي

Genres

على طريقة قولهم: جد جده.

بما كانوا يكذبون (10) قرأها عاصم وحمزة والكسائي والمعنى بسبب كذبهم أو ببدله جزاء لهم وهو قولهم: آمنا. وقرأ الباقون يكذبون بكذبه لأنهم كانوا يكذبون أول التلاقي يبتدئون بدل ابتداء المتلاقيين بالتأليم باللسان. قوله: (على طريقة قولهم: جد جده) أي في كون الإسناد المدلول عليه بالكلام إسنادا مجازيا لا في كون المسند مسندا إلى مصدره كما في جد جده، وإنما يكون كذلك لو أسند الأليم والوجيع، وقيل: ألم أليم ووجع وجيع وليس كذلك. ويمكن أن يكون إسناد الألم إلى ضمير العذاب من قبيل إسناده إلى مصدره وهو الألم بناء على أن العذاب هو الألم الفادح غايته أن لا يكون المصدر من لفظ المسند وهو لا ينافي كونه مسندا إلى مصدره إذ ليس الإسناد إلى نفس اللفظ.

قوله: (والمعنى بسبب كذبهم) إشارة إلى أن الباء للسببية و «ما» مصدرية وأما كلمة «كان» فهي للدلالة على الاستمرار في الأزمنة، كذا في الحواشي الشريفية، والدلالة على الاستمرار والانقطاع ليست بمعتبرة بحسب الوضع في معنى «كان» الناقصة بل كل واحد منهما مستفاد من القرينة. وذهب إلى أن «كان» يدل على استمرار مضمون الخبر في الزمان الماضي مستدلا بقوله: وكان الله سميعا بصيرا [النساء: 134] وقال الرضي: الاستدلال منشأه الغفلة عن الاستمرار مستفاد من قرينة وجوب كون الله تعالى سميعا بصيرا لا من لفظ «كان» الناقصة إذ هي موضوعة لمجرد الدلالة على ثبوت خبرها لفاعلها في الزمان الذي يدل عليه صيغة الفعل الناقص ، إما ماضيا أو حالا أو استقبالا «فكان» للماضي «ويكون» للحال أو للاستقبال «وكن» للاستقبال. ومقصود الشريف الرضي رحمه الله بهذا الكلام دفع ما يتوهم من المنافاة بين لفظي «كان» «ويكذبون» من حيث إن لفظ «كان» أداة دالة على أن الكذب منتسب إليهم في الزمان الماضي ولفظ «يكذبون» يدل على أن انتسابه إليهم في الحال أو في المستقبل. فالزمان الذي يدل عليه «يكذبون» بصيغته غير الزمان الذي تدل عليه الأداة، فأوجه الجمع بينهما؟ وتقرير الدفع أن كلمة «كان» للدلالة على استمرار كذبهم في جميع الأزمنة بشهادة القرينة كما أن لفظ «يكذبون» يدل على الاستمرار التجددي. قوله: (أو ببدله) إشارة إلى جواز كون الباء للمقابلة فإن الجزاء مقابل للجريمة وهي سبب للجزاء «وما» مصدرية أيضا. والمراد «بكذبهم» قولهم: (آمنا) فإنه إخبار منهم بإحداثهم الإيمان في الزمان الماضي فيصح توصيفه بالكذب لكونه إخبارا غير مطابق للواقع، وإن قالوه على إرادة قصد الإنشاء لا يصح نسبة الكذب إليهم في إنشاء الإيمان بل يكون التكذيب حينئذ راجعا إلى الإخبار الذي تضمنه هذا الإنشاء، فإنه متضمن للإخبار بصدور الإيمان منهم. قوله: (من كذبه) بالتشديد

Page 277