Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
فخر المرسلين صلى الله عليه وسلم، فلما تقرر أمر النبوة وقبلها أكثر أهل المدينة وتركوا ما عزموا عليه في حق ابن أبي عظم ذلك عليه وعلى أصحابه وأتباعه فلم يقدروا على كظمه والصبر عليه بل مرض به قلوبهم مرضا حقيقيا واشتد وجعها حين ظهر منهم ما ظهر مما يتعلق بهتك حرمة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واعتذر سعد بن عبادة رضي الله عنه من قبل ابن أبي بقوله: اعف عنه يا رسول الله واصفح إلى تمام الحديث. وفي الحواشي الشريفية: إن التحرق ههنا من حرق الأسنان أي سحق بعضها على بعض حتى يسمع لها صريف أي صوت، وهو كناية عن شدة الغيظ وهو ليس من الاحتراق لأن استعماله ب «على» يمنع هذا المعنى. قوله: (وزاد الله غمهم) أي تألم قلوبهم المسبب من اغتمامهم بمشاهدة ما يكرهونه من إعلاء شأنه وزيادة قدره يوما فيوما. فأطلق السبب الذي هو الاغتمام وأريد المسبب وهو تألم قلوبهم فإنه عطف على قوله: «فإن قلوبهم كانت متألمة» والمقصود منه تفسير قوله تعالى: فزادهم الله مرضا على تقدير أن يحمل المرض على المرض البدني الحقيقي. والمناسب لقوله: «فإن قلوبهم كانت متألمة» أن يقول هنا: فزاد الله تألم قلوبهم ليطابق قوله تعالى: في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا فإن زيادته لا بد أن تكون من جنس المزيد عليه، والاغتمام ليس من جنس تألم جرم القلب بل هو السبب المؤدي إليه فلا بد أن يكون المراد بالاغتمام التألم المسبب عنه. فإن اغتمامهم بمشاهدة ما يكرهونه من إعلاء أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزايد قدره يوما فيوما لما كان سببا مفضيا لتألم قلوبهم عبر المصنف عن تألمها بالاغتمام حيث قال:
«وزاد الله غمهم بما زاد في إعلاء أمره وإشادة ذكره» أي رفع قدره. وفي الصحاح: أشاد ذكره أي رفع قدره.
قوله: (ونفوسهم كانت مؤوفة) بالنصب عطفا على قوله: «فإن قلوبهم كانت متألمة» وهو إشارة إلى توجيه المعنى على تقدير أن يراد بالمرض المعنى المجازي فعلى هذا يكون معنى قوله فزادهم الله مرضا فزادهم الله تعالى ذلك المذكور من الكفر وسوء الاعتقاد ونحو ذلك بالختم على قلوبهم وهو من جنس المزيد عليه لأنه يؤكده ويقويه. أو المعنى فزادهم الله بازدياد التكليف عليهم أي زيادتها فإن الازدياد متعد ههنا ومضاف إلى مفعوله وإن كان المشهور استعماله لازما، ونظيره في إضافة المصدر إلى مفعوله قوله: «وتكرير الوحي» فإن أصله وتكريره الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قوله: «وتضاعف النصر» فإن معناه وتضعيف النصر له. ويحتمل أن يكون الازدياد والتضاعف كنايتين عن الزيادة والتضعيف لكونهما لازمين لهما جعل الطبع زيادة على ما في قلوبهم من المرض بالمعنى المجازي كالكفر وسوء الاعتقاد ومعاداة النبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى إحداث الهيئة المانعة من قبول الحق في قلوبهم
Page 273