Hashiya Cala Tafsir Baydawi
حاشية محيي الدين زاده على تفسير القاضي البيضاوي
Genres
للتنبيه والدلالة على الانقطاع والاستئناف تلزمها وغيرها من حيث إنها فواتح السور، ولا يقتضي ذلك أن لا يكون لها معنى في حيزها ولم تستعمل للاختصار من كلمات معينة في لغتهم. أما الشعر فشاذ، وأما قول ابن عباس فتنبيه على أن هذه الحروف منبع الأسماء ومبادي الخطاب وتمثيل بأمثلة حسنة. ألا ترى أنه عد كل حرف من كلمات متباينة لا تفسير وتخصيص بهذه المعاني دون غيرها إذ لا مخصص لفظا ومعنى ولا لحساب الجمل لا يختص بهذه الفواتح التي هي أسماء الحروف بل يلزمها وغيرها مما يفتتح به السور نحو الحمد لله [الفاتحة: 2] وتبارك الذي بيده الملك [الملك: 1] وغيرهما وكونها للاستئناف لا يقتضي أن لا يكون لها معنى في حيزها حتى يستلزم ذلك لأن يحكم عليها بكونها مزيدة لا معنى لها. ألا ترى أن ما سمي فصل الخطاب من نحو «هذا» وأما «بعد» إنما يقال عند تمام الكلام والشروع في آخر: فلا جرم يدل على انقطاع كلام واستئناف آخر مع أن له معنى في نفسه ولا يحكم عليه بالزيادة.
قوله: (ولم تستعمل للاختصار الخ) جواب عن قول من قال إنها إشارة إلى كلمات مأخوذة هي منها وتقريره أن كون تلك الأسماء إشارة إلى الكلمات التي هي مأخوذة منها إنما يصح إذا استعملت تلك الأسماء في كلام العرب للاختصار منها وهو ممنوع، فلما أثبت القائل استعمالها للاختصار بالصور المذكورة دفعه بقوله: «أما الشعر فشاذ لا يقاس عليه» وأما قول ابن عباس رضي الله عنهما فليس تفسيرا وتخصيصا للأسماء المذكورة بهذه المعاني لكونها مأخوذة ومختصرة منها بل هو تنبيه على أن الحروف التي دل عليها بهذه الأسماء منبع أسماء الله تعالى مطلقا، ومبادىء ما يخاطب به من الكلام أي كلام كان وتخصيص ما ذكر بالذكر من جملة ما تركب من تلك الحروف من قبل التمثيل بأمثلة حسنة لا يكون بخصوصه مراد أمن الأسماء لكونها مختصرة منه. ألا ترى أنه يصح عدد كل حرف من كلمات متباينة حيث عد الألف تارة من «الآلاء» وتارة من «أنا» وتارة من «الرحمن» وعد اللام تارة من «لطف الله» وتارة من «اعلم» وتارة من «جبريل» وجعل الميم تارة من «ملك الله» وتارة من «الرحمن» وتارة من «اعلم» وتارة من «محمد» ولا يصح استعمال لفظ واحد بإطلاق واحد من معان متعددة. قوله:
(ولا لحساب الجمل) عطف على قوله: «للاختصار» وإبطال لقوله: «أو إلى مدد أقوام وآجال بحساب الجمل». وتقريره أن الإشارة إلى المدد والآجال إنما تصح إذا استعملت هذه الأسماء في كلام العرب بحساب الجمل حتى تلحق الأسماء بالمعربات بسبب استعمال العرب إياها في حساب الجمل. والحاصل أنه لا يكون في كون اللفظ معربا ولا في لحوقه بالمعربات اشتهار دلالته على معنى فيما بين العرب بل لا يقع ذلك إلا من استعمالهم إياه في ذلك المعنى ولم يوجد، فخرج الجواب عن قوله: «وهذه الدلالة وإن لم تكن عربية» الخ. ولما أبطل احتمال
Page 138