Annotation sur les Sunan Abi Dawud
حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (ط. المكبتة السلفية)
Maison d'édition
دار الكتب العلمية
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
1415 - 1995
Lieu d'édition
بيروت
Genres
وإذا علم ذلك فلا يلزم من انتفاء حكم المنطوق انتفاؤه عن كل فرد من أفراد المسكوت لجواز أن يكون فيه تفصيل فينتفي عن بعضها ويثبت لبعضها ويجوز أن يكون @ ثابتا لجميعها بشرط ليس في المنطوق فتكون فائدة التخصيص به لدلالته على ثبوت الحكم له مطلقا وثبوته للمفهوم بشرط
فيكون المنفي عنه الثبوت المطلق لا مطلق المثبوت
فمن أين جاء العموم للمفهوم وهو من عوارض الألفاظ وعلى هذا عامة المفهومات
فقوله تعالى
﴿فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره﴾
لا يدل المفهوم على أن بمجرد نكاحها الزوج الثاني تحل له
وكذا قوله ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) لا يدل على عدم الكتابة عند عدم هذا الشرط مطلقا
وكذا قوله
﴿والذين يبتغون الكتاب﴾
ونظائره أكثر من أن تحصى
وكذلك إن سلكت طريقة التعليل لم يلزم العموم أيضا فإنه يلزم من انتفاء العلة انتفاء معلولها ولا يلزم انتفاء الحكم مطلقا لجواز ثبوته بوصف آخر
وإذا ثبت هذا فمنطوق حديث القلتين لا ننازعكم فيه ومفهومه لا عموم له
فبطل الاحتجاج به منطوقا ومفهوما
وأما قولكم إن العدد خرج مخرج التحديد والتقييد كنصب الزكوات فهذا باطل من وجوه أحدها أنه لو كان هذا مقدارا فاصلا بين الحلال والحرام والطاهر والنجس لوجب على النبي بيانه بيانا عاما متتابعا تعرفه الأمة كما بين نصب الزكوات وعدد الجلد في الحدود ومقدار ما يستحقه الوارث فإن هذا أمر يعم الإبتلاء به كل الأمة فكيف لا يبينه حتى يتفق سؤال سائل له عن قضية جزئية فيجيبه بهذا ويكون ذلك حدا عاما للأمة كلها لا يسع أحدا جهله ولا تتناقله الأمة ولا يكون شائعا بينهم بل يحالون فيه على مفهوم ضعيف شأنه ما ذكرناه قد خالفته العمومات والأدلة الكثيرة ولا يعرفه أهل بلدته ولا أحد منهم يذهب إليه الثاني أن الله سبحانه وتعالى قال
﴿وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون﴾
وقال
﴿وقد فصل لكم ما حرم عليكم﴾
فلو كان الماء الذي لم يتغير بالنجاسة منه ما هو حلال ومنه ما هو حرام لم يكن في هذا الحديث بيان للأمة ما يتقون ولا كان قد فصل لهم ما حرم عليهم
فإن المنطوق من حديث القلتين لا دليل فيه والمسكوت عنه كثير من أهل العلم يقولون لا يدل على شيء فلم يحصل لهم بيان ولا فصل الحلال من الحرام
والآخرون يقولون لا بد من مخالفة المسكوت للمنطوق ومعلوم أن مطلق المخالفة لا يستلزم المخالفة المطلقة الثابتة لكل فرد فرد من المسكوت عنه فكيف يكون هذا حدا فاصلا فتبين أنه ليس في المنطوق ولا في المسكوت عنه فصل ولا حد
الثالث أن القائلين بالمفهوم إنما قالوا به إذا لم يكن هناك سبب اقتضى التخصيص بالمنطوق فلو ظهر سبب يقتضي التخصيص به لم يكن المفهوم معتبرا كقوله ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق ) فذكر هذا القيد لحاجة المخاطبين إليه إذ هو الحامل لهم على قتلهم لا لاختصاص الحكم به
ونظيره
﴿لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة﴾
ونظائره كثيرة
وعلى هذا فيحتمل أن يكون ذكر القلتين وقع في الجواب لحاجة السائل إلى ذلك ولا يمكن الجزم @ بدفع هذا الاحتمال
Page 86