Hâchâya As-sandi 'ala Sahîh Al-boukhâri
حاشية السندي على صحيح البخاري
Genres
21 باب فضل من علم وعلم قوله : (كمثل الغيث الكثير أصاب أرضا) أي : هي محل الانتفاع ، وهذا القيد متروك ههنا اعتمادا على فهمه من التفصيل ، وبقرينة ذكر ضده في مقابل هذا القسم وهو قوله ، وأصاب منها طائفة أخرى إنما هي قيعان الخ.m لأن قوله وأصاب منها طائفة أخرى معطوف على جملة أصاب أرضا ، وهذا ظاهر وعلى هذا فضمير منها في وأصاب منها لمطلق الأرض المفهوم من الكلام لا للأرض المذكورة أولا ، في قوله أصاب أرضا فصار الحاصل أنه قسم الأرض بالنسبة إلى المطر إلى قسمين ، لا إلى ثلاثة كما توهمه كثير من الفضلاء ، فظهر انطباق المثل بالمثل له ، واندفع إيراد أن المذكور في المثل ثلاثة أقسام وفي المثل له قسمان ، كما لا يخفى إلا أنه قسم القسم الأول من الأرض الذي هو محل الانتفاع أيضا ، أي قسمين قسم ينتفع بنتائج مائه النازل فيه ، وثمراته لا بعين ذلك الماء ، وقسم ينتفع بعين مائه تنبيها على أن الذي ينتفع بعلمه الواصل إليه قسمان من الناس قسم ينتفع بثمرات علمه ونتائجه كأهل الاجتهاد والاستخراج والاستنباط ، وقسم ينتفع بعين علمه ذلك كأهل الحفظ والرواية.
والحاصل أنه {صلى الله عليه وسلم} شبه ما أعطاه الله من أنواع العلوم بالوحي الجلي أو الخفي بالماء النازل من السماء في التطهير وكمال التنظيف والنزول من العلو إلى السفل ، ثم قسم الأرض بالنظر إلى ذلك الماء قسمين : قسما هو محل الانتفاع ، وقسما لا انتفاع فيه. وكذا فسم الناس بالنظر إلى العلم قسمين على هذا الوجه إلا أنه قسم القسم الأول من الأرض إلى قسمين ، واكتفى به في قسمه القسم الأول من الناس إلى قسمين لوضوح الأمر ، وعلى هذا فأصل المثل تام بلا تقدير في الكلام والله تعالى أعلم.
Page 32