والماء يخلفه التراب وإن صلى في أحد ثوبين متحريا لنجاسة أحدهما ثم أراد صلاة أخرى فوقع تحريه في غير الذي صلى فيه لم يصح لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض بمثله إلا في القبلة لأنها تحتمل الانتقال إلى جهة أخرى بالتحري لأنه أمر شرعي والنجاسة أمر حسي لا يصيرها طاهرة بالتحري للزوم الإعادة بظهور النجاسة بعد التحري في الثياب والأواني فمتى جعلنا الثوب طاهرا بالاجتهاد للضرورة لا يجوز جعله نجسا باجتهاد مثله فتفسد كل صلاة يصليها بالذي تحرى نجاسته أولا وتصح بالذي تحرى طهارته ولو تعارض عدلان في الحل والحرمة بأن أخبر عدل بأن هذا اللحم ذبحه مجوسي وعدل آخر أنه زكاه مسلم لا يحل لبقائه على الحرمة بتهاتر الخبرين ولو أخبرا عن ماء وتهاترا بقي على أصل الطهارة
ــ
أصحاب في السفر وهم غيب أو اختلط رغيفه ارغفتهم قال بعضهم: يتحرى وقال بعضهم: ينتظر حتى يجيء أصحابه وهذا في حال الاختيار أما في حال الإضطرار فإنه يتحرى مطلقا وبقولنا قال مالك وقال الشافعي رضي الله تعالى عنه: يتحرى لأنه واجد الماء قوله: " وإن صلى في أحد ثوبين الخ " وكذا لو تحرى إناء ثم تبدل اجتهاده إلى طهارة غيره فالعبرة لاجتهاده الأول ولا يعتبر الثاني قوله: " لأن إمضاء الاجتهاد لا ينقض " أي باجتهاد مثله وإلا لأدى إلى عدم استقرار حكم وفيه حرج عظيم كمافي الأشباه قوله: " لأنها تحتمل الإنتقال إلى جهة أخرى بالتحري " لأن المكلف به عند الإشتباه جهة التحري لتعذر إصابة الجهة حقيقة فبتبدل الاجتهاد تتبدل الجهة لا محالة قوله: " لأنه أمر شرعي " أي التحري الذي تنتقل به القبلة قوله: " للزوم الإعادة الخ " بخلاف القبلة فإنه لو ظهر خطؤه بعد تحريه لا يعيد قوله: " لبقائه " أي اللحم على الحرمة أي التي هي الأصل إذ حل الأكل متوقف على تحقق الذكاة اشرعية وبتعارض الخبرين لم يتحقق الحل فبقيت الذبيحة على الحرمة قوله: " بتهاتر الخبرين " أي تساقطهما لا ستوائهما في الصدق قال في الهداية ولو كان المخبر بنجاسة الماء ذميا لا يقبل قوله: كالصبي والمعتوه ولا يجب التحري ولكن يستحب بخلاف الفاسد لأن خبره يستوي فيه الصدق والكذب فيجب التحري طلبا للترجيح قال في القاموس: الهتر مزق العرض هتره يهتره وبالكسر الكذب والجاهية والأمر العجيب والسقط من الكلام والخطأ فيه والنصف الأول من الليل اهـ.
تنبيه: مثل تعارض الخبرين الشك وقالوا: إن الشك على ثلاثة أضرب شك طرأ على أصل حرام وشك طرأ على أصل مباح وشك لايعرف أصله فالأول مثل أن يجد شاء مذبوحة في بلد فيها مسلمون ومجوس فلاتحل حتى يعلم أنها ذكاة مسلم لأن الأصل فيها الحرمة إذ حل الأكل يتوقف على تحقق الذكاة الشرعية فصار حل الأكل مشكوكا فلو كان الغالب فيها المسلمين جاز الأكل عملا بالغالب المفيد للحل والثاني أن يجد ماء متغيرا واحتمل أن يكون تغيره بنجاسة أو طول مكث يجوزالتطهير به عملا بأصل الطهارة والثالث مثل معاملة من أكثر ماله حرام لاتحرم مبايعته حيث لم يتحفق حرمة ماأخذه منه ولكن يكره خوفا من الوقوع في الحرام كذا في فتح القدير قاله أبو السعود في حاشية الإشباه.
1 / 35