تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾، وهو طهور لقوله تعالى: ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾، وهو ماء المطر لأن السماء ككل ما علاك فأظلك وسقف البيت سماء، وماء الطل وهو الندى مطهر في الصحيح " و"كذا: " ماء البحر " الملح لقوله ﷺ: " هو الطهور ماؤه
ــ
مع أنه معدود منها، وأجيب بأن المراد الذي هو أحدها فالتقدير أصلها ماء السماء الذي هو أحدها، قال السيد: فإن قيل الكل ماء السماء لقوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ [الحج: ٦٣] الآية، وهذه العبارة أي عبارة المصنف التي فيها العطف تفيد المغايرة فالجواب كما ذكره العيني أن القسمة بحسب ما تشهد به العادة انتهى. قوله: " لقوله تعالى " علة للأصالة قيل: كل ماء من السماء ينزل إلى صخرة بيت المقدس ثم يقسمه الله تعالى، قوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ إن قيل: ليس في الآية ما يدل على أن جميع المياه من السماء؛ لأن ماء نكرة وهي في الإثبات تخص فلا تفيد العموم فالجواب أن ذلك عند عدم قرينة تدل عليه والقرينة ذكره في مقام الامتنان فلو لم تدل على العموم لفات المطلوب كما في السراج، وفي البناية والنكرة في الإثبات تفيد العموم بقرينة تدل عليه كما في قوله تعالى: ﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ﴾، قوله: ﴿فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ﴾ أي: أدخله أماكن منها ينبع فيها قوله: ﴿لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾ صدر الآية: ﴿وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ﴾، قوله: وهو ماء المطر، لو قال: وهو ماء السحاب لكان أولى ليتجه الكلام الآتي، واعلم أن المطر تارة يكون من السحاب والسحاب يلتقمه من البحر فتنسفه الرياح فيحلو وهذا المطر لا ينبت وتارة ينزل من خزانة تحت العرش قطعا كبار لو نزلت بجملتها لأفسدت فتنزل على السحاب وهو كالغربال فينزل منه القطر الخفيف وهو الذي به الإنبات، كذا ذكره بعضهم وظاهر كلام المصنف أنه لا ينزل إلا من السحاب. قوله: " لأن السماء كل ما علاك " فإطلاق السماء على السحاب حقيقة لغوية. قوله: " فأظلك " ظاهر تقييده أنه لا يقال لنحو الطائر سماء؛ لأنه لا يظل. قوله: " وسقف البيت " من عطف الخاص وعبارة الشرح ومنه قيل لسقف البيت سماء وهي أولى مما هنا. قوله: " في "الصحيح " وقيل: هو نفس دابة فلا يجوز التطهير به، والصحيح أنه مطر خفيف. قوله: " وكذا ماء البحر " تكلف الشارح فجعله مبتدأ وخبرا ولا يفهم العدد منه وإنما دعا إلى ذلك تقدير أصلها في قوله سابقا أصلها ماء السماء. قال الجوهري: هو ضد البرق، قيل: سمي به لعمقه واتساعه وكل نهر عظيم بحر اهـ. قال في البناية: ومنه قيل لنهر مصر بحر النيل أهـ قال ابن سيده في المحكم: البحر الماء الكثير ملحا كان أو عذبا وقد غلب على الملح فيكون التنصيص عليه دفعا لمظنة توهم عدم جواز التطهير بت؛ لأنه مر منتن كما توهم ذلك بعض الصحابة، وفي الخبر: "من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله"، ومن الناس من كره الوضوء من البحر الملح لحديث ابن عمر أنه ﵊ قال: "لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر أو غاز في سبيل الله فإن تحت البحر نارا وتحت النار بحرا"، تفرد به أبو داود، وكان ابن عمر لا يرى جواز الوضوء به
1 / 20