الكريم أسأل، وبحبيب المصطفى إليه أتوسل أن ينفع به جميع الأمة وأن يتقبله بفضله، ويحفظه من شر من ليس من أهله إذ هو من أجل النعمة، وأعظم المنة والله أسال أن ينفع به عباده ويديم به الإفادة: إنه على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير آمين.
ــ
الظهور والاهتداء. قوله: " ونجاة الأرواح ": أي من العذاب فإن العذاب يقع على الروح كما يقع على الجسم، وإنما كان بهذا المتن نجاة الأرواح؛ لأن فيه تصحيح العبادة. والغالب أن من صحت عبادته لا سيما الصلاة انتهى عن الفحشاء والمنكر فينجو من العذاب. قوله: " والله الكريم أسأل ": أي لا أطلب النفع والقبول وحفظ هذا الكتاب إلا من الله تعالى. قوله: " وبحبيبه المصطفى الخ ": أي: لا أتوسل إليه في إتمام هذه المرادات إلا بحبيبه محمد ﷺ. ورد: " توسلوا بجاهي فإن جاهي عند الله عظيم "، قوله: " أن ينتفع به جميع الأمة ": المراد بالجمع المجموع فإنه لا يتعبد كلهم على مذهب أبي حنيفة ﵁، والنفع إيصال الخير إلى الغير، قوله: وأن يتقبله بفضله بأن يجعله خالصا لا لرياء ولا سمعة فإن العلم إذا صاحبه نحو الرياء كان سببا للعذاب، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: "إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال: فما فعلت فيها قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكنك قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمته فعرفها قال: فما عملت فيها قال: تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال: كذبت ولكنك تعلمت العلم ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل، ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار" الحديث. وقبوله هو الرضا به والإنابة عليه. قوله: بفضله أشار به إلى الرد على فرقة من المعتزلة أوجبت عليه تعالى الصلاح والإصلاح، قوله: " من ليس من أهله " كالحاسد الذي يحمل بعض تراكيبه على غير المراد منها أو يدخل فيه ما ليس منه أو يتعلمه ليباهي به العلماء أو يماري به السفهاء أو يصرف به وجوه الناس إليه. قوله: " إذ هو من أجل النعمة " علة للجمل الثلاثة أي من أجل النعمة على الأمة إن نفعهم الله به؛ لأن فيه تصحيح عباداتهم ومن أجل النعمة على المؤلف أن تقبله منه ومن أجل النعمة التي يتنافس في مثلها ويحسد عليها فدعا بحفظه من شر من ذكر، قوله: " وأعظم المنة " هي النعمة، قال في القاموس: من عليه منا أنعم واصطنع عنده صنيعة، فالعطف عطف مرادف. قوله: " والله أسأل أن ينفع به عباده " أعاده ثانيا لشدة رغبته في ذلك وحرصه عليه، قوله: " إنه على ما يشاء قدير " ومن جملته نفع العباد بهذا الكتاب، وإدامة الإفادة به. قوله: " وبالإجابة جدير ". قال في القاموس: الجدير: مكان بني حواليه، والخليق والجمع جديرون وجدراء أهـ والمراد هنا المعنى الثاني.
1 / 17