الشرنبلالي الحنفي غفر الله ذنوبه وستر عيوبه ولطف به في جميع أموره ما ظهر منها وما خفي وأحسن لوالديه ولمشايخه وذريته ومحبيه ومواليه. وأدام النعم مسبغة في الباطن
ــ
المطلوب مع الأخذ في الأسباب، وأما مع تركه والتمادي على الغفلات فهو مذموم، ومن كلام العارف يحيى ابن معاذ: أعمال كالسراب وقلوب من التقوى خراب وذنوب بعدد التراب وتطمع مع هذا في الكواعب الأتراب هيهات هيهات أنت سكران من غير شراب"، أهـ. قوله: " الجليل ": هو العظيم كما في القاموس وبين الذليل والجليل الطباق. قوله: " الشرنبلالي " قال المؤلف في آخر رسالته در الكنوز: هذا هو الشائع والأصل الشرابلولي نسبة لقرية تجاه منف العليا بإقليم المنوفية بسواد مصر المحروسة، يقال لها شبرابلول واشتهرت النسبة إليها بلفظ الشرنبلالي اهـ، وفي القاموس: شبري كسكري ثلاثة وخمسون موضعا كلها بمصر منها عشرة بأشرقية وخمسة بالمرتاحية وستة بجزيرة قوسنيا وإحدى عشرة بالغربية وسبعة بالسمنودية وثلاثة بالمنوفية وثلاثة بجزيرة بني نصر وأربعة بالبحيرة واثنان برمسيس واثنان بالجيزة. قوله: " غفر الله له ذنوبه " أصل الغفر: الستر، ومنه سمى المغفر لأنه يستر الرأس عند الحرب. وغفر الذنوب سترها بعدم المؤاخذة بها، وقيل: محوها من الصحيفة بالكلية لقوله ﷿: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩]، قوله: " ذنوبه " أي معاصيه صغيرها وكبيرها. قوله: " وستر عيوبه " أي ما يعيبه ويشينه وإن لم يكن معصية، فإن العور مثلا عيب وليس بذنب فالمعطف للمغايرة أو من عطف العام. قوله: " ولطف به " أي أوصل إليه بره وإحسانه. قوله: " في جميع أموره " أي جليلها وحقيرها. قوله: " ما ظهر منها وما خفي ": يحتمل أن المراد ما يعم الأحوال الباطنية والظاهرية أي ما يتعلق بالقلب وما يتعلق بالجوارح، أو المراد بالباطنية ما لا يطلع عليه إلا خاصته كالأمور المتعلقة بالحلية والأولاد، وبالظاهرية ما تصدر مع غير هؤلاء كإخوان الدرس والمعاملة ويحتملها معا قوله: " وأحسن لوالديه " أي أنعم عليهما بأنواع النعم فإن الإحسان لفظ يعم كل خير ثم يحتمل أن قرأ والديه بالتثنية والجمع والدعاء لهما مطلوب، قال تعالى: ﴿وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ . [الإسراء٢٤] . وهو مفتاح الرزق، ولبعضهم أقل الدعاء للوالدين في اليوم والليلة خمس مرات، كأنه يريد عقب كل مكتوب؛ لأن الله قرن الإحسان إليهما بعبادته، وأعظم العبادات الصلوات بعد الإيمان وهي خمس في اليوم والليلة. قوله: " ولمشايخه " بالياء من غير همز جمع شيخ، والدعاء لهم مطلوب؛ لأنهم آباء الأرواح كما أن الوالدين آباء الأشباح. قوله: " وذريته " أي: نسله من الذرء بمعنى: الخلق أي: الجماعة المخلوقين منه. قوله: " ومحبيه ": المراد بهم المحبون له حبا إيمانيا كأن يحبوه لعلمه وطاعته وإن لم يكن للنفس ميل لذلك. قوله: " وإليه ": إن قلت إن المطلوب تقديم نفسه في الدعاء كما قال الخليل ﵇: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ﴾ وقال نوح ﵇: ﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا﴾ فكيف قدم من ذكر عليه؟ أجيب بأنه لما قدم نفسه أولا بقوله: غفر الله له ذنوبه سهل عليه تقديم غيره عليه ثانية، ولمراعاة السجع، قوله: " وأدم النعم مسبغة " أي عامة تامة، فالسابغة العامة كالدرع السابغة والثوب والمراد أنه
1 / 14