La Récolte Philosophique du XXe Siècle : et Autres Recherches Philosophiques
الحصاد الفلسفي للقرن العشرين : وبحوث فلسفية أخرى
Genres
33
اعتمدت على الجانب التقني فقط، وهيأت «العامة» لتحمل الاستبداد وأنواع القيود التي يفرضها على الأشياء والإنسان. ولم يتم هذا بفعل المناوئين للعقل، بل بفعل التنوير نفسه.
ولكن كيف صار التنوير ضد الحقيقة؟ «عن طريق التجريد الرياضي الشامل للواقع، وهو التجريد الذي صار مرادفا للحقيقة.»
34
لقد تحول الفكر إلى آلة رياضية تتحرك بذاتها، بحيث يمكن أن تحل الآلة محله، وتم هذا كله على حساب الواقع المعطى وعلى حساب الفن، وبغرض السيطرة والهيمنة عليهما، والنتيجة هي «عدم فهم الواقع الحي ونفي أو استبعاد كل واقع فردي مباشر. هكذا تحول التنوير - كما سبق القول - إلى الأسطورة التي لم ينجح أبدا في تفاديها»،
35
وأصبحت الوحدة العلمية أو التوحيد (أي توحيد الطبيعة وموضعتها، بمعنى جعلها موضوعية تخدم أهداف الإنسان العملية فقط)، والتجريد والتسوية هو هدف التنوير النهائي بصرف النظر عن تعقد الواقع وخصوصيته وكيفياته المختلفة.
36
إن إخضاع العقل للتجربة الحسية الحية بالانفصال عنها «وتكميمها» أدى إلى إفقار كل من التجربة والعقل معا. وكان هذا مظهرا من مظاهر انتصار العقل الأداتي وسعيه للسيطرة على كل شيء بما في ذلك العقل والتفكير نفسه ... وهكذا اغترب الناس في المجتمع الشمولي الحديث، سواء كان رأسماليا أو شيوعيا، وبرزت الوحشية واللاإنسانية التي أراد التنوير في الأصل أن يحاربهما، فتحول التقدم إلى تراجع،
37
Page inconnue