Le Mouvement de Traduction en Égypte au XIXe Siècle
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
Genres
ولما انسحبت الجيوش الفرنسية، وقمعت الثورات التي نشبت في أنحاء البلاد، وصارت الولاية إلى محمد علي باشا، أخذ الوالي ينشئ الدواوين ويستخدم التراجمة، واللغة في حالة ضعف وركاكة. فقد ذكر الأستاذ محمود مصطفى معلقا على هذه الحالة:
43
إن لغة الدواوين كانت التركية، وبعد قليل من حكم محمد علي صارت العربية هي اللغة للحكومة،
44
ولكن العربية التي استعان بها القوم في كتابة الدواوين كانت عربية سقيمة واهنة ركيكة؛ بل أنت حقيق أن تقول: إنها لا تمت إلى العربية بنسب إلا في ألفاظها وصور حروفها. فأما الأسلوب ودلالة التراكيب فذلك ما لا صلة له بالعربية، ولسنا ندري كيف اعتاد أهل هذا الجيل فهم هذا القول، ولا على أي قاعدة كانوا يخرجون تلك التراكيب، ولكن النقص شمل الجميع، فحفظوا صورا وتواضعوا على مدلولاتها، ثم جعلوا يرددونها في كل ما يكتبون فتؤدي إليهم ما اصطلحوا عليه مما لا يرجع إلى أصل في دلالات اللغة الصحيحة.»
ونؤيد تعليقه هذا بوثيقة استخرجناها من بين ألوف الوثائق المحفوظة في قصر عابدين العامر، وهذه الوثيقة أمر عال
45
مؤرخ 13 شوال سنة 1236 إلى الشيخ فيصل الدويس شيخ عربان مطير: «أما بعد السلام فالمنهي إليكم سابقا حضر لنا جوابكم صحبت تابعكم، وصار معلومنا ما انتهيتموه لنا إلينا عن كيفية حالكم، وأرسلنا لكم رد جوابه صحبته تابعكم، والآن مرسلين إلى هذه الجهة أقدم أتباعنا ومعتمدهم ولدنا العزيز المكرم حسن بك محافظ المدينة المنورة حالا على سكانها السلام، والواصل لكم بصحبة ألف ريال فرانسة تستأخذوهم وتصرفوهم في مصالح أحوالكم، وبمقتضى ما تعهد في غيرتكم وصلابة حميتكم وزيادة اجتهادكم في صداقة خدمتنا كما كان منكم سابقا في مدن ولدنا الجناب المفخم إبراهيم باشا المعظم والي جدة حالا زيد قدره، وكذلك مدة ولدنا المكرم حسين بك محافظ المدينة سابقا كذلك تكون في غاية الهمة والاجتهاد والصداقة الوافية في الخدمة والاتحاد مع ولدنا العزيز حسن بك المومى إليه مع كثرة السعي لأمورنا الموجبة عليكم نطلب منكم في الكل الأمور لا تخرجوا عن أمر ورأي ولدنا المذكور، وتكونوا موافقين في الرأي والاتحاد مع حسن بك برعاية خدمتكم وصداقتكم كما كانت في الأول؛ بل أزيد مراد قيمته تعالى عند اطلاعكم على مرسومنا هذا لا يكون منكم إلا إبراز الهمم الزايدة، وإظهار خدمتكم الوافية والسلام.»
هذا هو الأمر، ويخيل إلينا أنه نص تركي بحروف عربية، وهو مسجل بدفتر تركي مع سائر الأوامر التركية؛ لأن لغة البلاد الرسمية كانت وقتئذ اللغة التركية، وكانت البلاد مفتقرة إلى محررين متضلعين في اللغة العربية؛ لذلك يستحسن ألا نعتمد على ترجمة الدواوين لنقيس بها قيمة الترجمة الأدبية في هذه الفترة. فلنرجع حينئذ إلى الترجمة العلمية، أو على الأصح إلى ترجمة الكتب المدرسية، وهي التي ستبين لنا بوضوح قيمة المجهود الذي بذله رجال العلم لرفع مستوى اللغة مع إتقان فن الترجمة.
ولا نستطيع بطبيعة الحال أن نبدي رأيا إجماليا في هذا الموضوع، فإن قيمة الترجمة تختلف باختلاف نبوغ المترجم والعناية التي يبذلها لتحقيق الغرض المنشود منها.
Page inconnue