ونهض متحديا، مضى وهو يقول: إن تكن رحيما حقا فتزوجها أنت!
14
تسقط الأمطار فوق الأرض ولا تتلاشى في الفضاء. وتومض الشهب ثانية ثم تتهاوى. والأشجار تستقر في منابتها ولا تطير في الجو. والطيور تدوم كيف شاءت ثم تأوي إلى أعشاشها بين الغصون. ثمة قوة تغري الجميع بالرقص في منظومة واحدة. لا يدري أحد ما تعانيه الأشياء في سبيل ذلك من أشواق وعناء، مثلما تتلاطم السحب فتنفجر السماء بالرعود.
وقد فكر قرة في همه طويلا، وقال لنفسه إنه ما عليه من بأس إن هو مضى في سبيله وقد بذل ما في وسعه من جهد. ماذا في وسعه أن يفعل أكثر مما فعل؟ ولكنه لم يستطع أن يمضي على هواه. استغاثة عزيزة تتردد مع الأناشيد، راسخة مثل السور العتيق. نحيبها متكلس حول طبلة أذنه. إنه مسئول، وآل الناجي أيضا، حتى عاشور المعجزة، لا يستطيع أن يهز منكبيه ويمضي. تشده القوة الجاذبة. لن يكون أكثر حرية من الطير والشهاب والمطر. إلى مركز العذاب والمعاناة، إلى جحيم القوى المتخاصمة المتعادلة. - إن تكن رحيما حقا فتزوجها أنت!
الوغد يتحداه. الوغد يمتحنه. الوغد ينتقم منه؟ أهذا هو حظه من الزواج؟ كلا وألف مرة كلا. ولكن أين المفر؟! إنه يحتقر الاستسلام، ولكنه أيضا يقدس العذاب. كأنه قدر لا يتزحزح. ولكن ألم يقل للوغد: المطلوب الستر ثم افعل ما بدا لك.
أجل إنه الستر أولا، ثم يفعل ما بدا له.
15
قال لعمه رضوان: قررت أن أكمل نصف ديني!
فضحك الرجل وقال: رمانة سبقك في ذلك بساعة واحدة!
فخفق قلبه مؤملا أن يكون الله قد هداه، فسأل عمه: من يا عمي؟ - رئيفة كريمة إسماعيل البنان.
Page inconnue