غادر البيت وثبا وصوات محاسن يلاحقه. عندما بلغ الطريق كان بعض الساهرين يتجهون نحو مصدر الاستغاثة. اندفع بكل قوته نحو الطريق الموصل إلى النيل، وسرعان ما بدأت مطاردة من نوع جديد، ولكنه وثب إلى قارب وراح يجدف مبتعدا عن الشاطئ.
وعند منتصف النهر جاءه صوت غير غريب، صوت شيخ الحارة وهو يصيح به: سلم نفسك يا سماحة، قتلت حلمي عبد الباسط مخبر الحكومة.
60
صاح خضر سليمان الناجي وهو يرنو إلى سماحة: سماحة أخيرا!
تعانقا عناقا حارا، ثم هتف خضر: طالما حلمت بيوم النجاة فالحمد لله رب العالمين، دعني أوقظ رضوان.
ولكن سماحة أمسك بيده وتمتم: الأولاد؟ - انتظر حتى الصباح. عليك أن تحلق لحيتك أولا.
فهمس سماحة بإصرار: الأولاد.
61
اقترب من الأسرة المتجاورة وهو يرنو إلى الوجوه الهائمة في وادي النوم المجهول. ثغور مفترة، وأقنعة متحررة من حركة الزمن، وملامح صبا واشية بحرارة المراهقة، وبذور ناضجة يكمن في نواتها مستقبل غني بالمتناقضات.
أطل الحنان من عينيه مبللا بالدمع، وتدفق الشوق في حناياه ينبوعا ساخنا، واهتزت جوارحه حتى شهق.
Page inconnue