16
وقام بكر برحلة تجارية تستغرق بضعة أيام.
وعندما رجع خضر من المحل مساء إلى الدار وجد رضوانه واقفة عند مدخل جناحها. تصافحا، وعندما هم بالسير قالت له: أريد مشورتك في أمر.
تبعها إلى بهو الجلوس. جلس على ديوان. جلست أمامه على أريكة وراحت تتطلع إليه في صمت كأنما لا تدري كيف تبدأ حديثها. تنسم في الجو عبق بخور مخدر، وراح ينصت لهسيس الصمت. ولكي يشجعها على الكلام قال: إني رهن إشارتك.
فلم تنبس، ولما لاحظت شدة انتظاره قالت: لا أدري ماذا أقول، هل ضقت بسرعة من وجودك معي؟ - أبدا، المسألة إني أود خدمتك.
فقالت بغموض: لا أريد أكثر من ذلك.
انتظر وهو يقلق تحت شعاع العينين. تضاربت في رأسه التخمينات. حدث شيء لم يقع له في بال؟ هل سيفاجأ باقتراح محرج؟ قال: تحت أمرك.
فقالت بنبرة غريبة: أنت تجهل حالي؛ ولذلك فإني أغفر لك تسرعك. - دعيني أطمئن عليك. - أهذا ممكن؟ - لم لا؟ يجب أن يكون ممكنا.
فتساءلت وهي تهرب من عينيه: هل ذقت الهزيمة في حياتك؟ - لا أظن، ولكن أي هزيمة؟ من عدوك؟ - لا عدو لي، إنها هزيمة من الداخل.
فهز رأسه متحيرا، فقالت متشجعة بصورة أوضح: هزيمة الإنسان أمام نفسه، رضاؤه بالدمار إذا شئت.
Page inconnue