59

Haqiqat al-Iman

حقيقة الإيمان

Genres

ثم يستطرد فيشرح بعدها مباشرة أن اصطلاح الإقرار في أقوال الفقهاء لا بد وأن يكون هو بمعنى التزام الطاعة وليس بمعنى مجرد التلفظ بالشهادتين – أي الإقرار القولي – وإلا بقى الأشكال السابق ذكره واردًا عليهم، فيقول: "وحينئذ ينبغي أن يراد من الإقرار في قول الفقهاء الإقرار بالتزام الطاعة. وإن كان المراد منه الإقرار بالشهادتين كما هو المشهور، بقى الإشكال) (١) . ويقول ابن رجب: (... إن من أقر بالشهادتين صار مسلمًا حكمًا، فإذا دخل في الإسلام بذلك، ألزم بالقيام ببقية خصال الإسلام) (٢) . ولا يخفى ما في تعبيره بكلمة حكمًا من معنى أنه لا يلزم من ذلك أنه مسلم على الحقيقة، وإنما يعتبر مسلمًا حكمًا بإقراره بالشهادتين، طالما لم يأتي بالمناقض افتراضًا أنه ملتزم بأحكام الشريعة. وبعد.. فإن الالتزام المقصود إنما ينقسم إلى قسمين حسب ما قررنا من مفاهيم، فهناك قدر من الالتزام لازم للدخول – أو للبقاء – في الإسلام، وبين الالتزام الذي هو بمعنى الفعل للأحكام نفسها عامة فهما قسمين: ١- التزام قبول الإسلام: (وهو يعني قبول الشرائع جملة، وقبول الانقياد لها عملًا) وهذا القدر من الالتزام المنجي لصاحبه من الخلود في النار إنما يجب فيه الالتزام بترك أعمال الشرك ابتداءً، وإما للبقاء في الإسلام، - وذلك بعد أن يستمر فترة من الزمن تبلغه الشرائع تفصيلًا – فيجب فيه أداء الأعمال المشروطة لصحة الإسلام من أعمال الجوارح، وأن يحقق جنس الأعمال عامة ليثبت توحيده. ٢ - التزام التنفيذ للشرائع: وهو الذي يتضمن تنفيذ الأوامر الشرعية كلها بعمل الطاعات واجتناب المعاصي، وهي الأعمال الداخلة في الإيمان الواجب واستكمال الإيمان.

(١) السابق جـ١ ص ٥١. (٢) "جامع العلوم والحكم" لابن رجب ص ٢٣.

1 / 59