"... فلما وجهوا إلى رسول الله ﷺ من نجران جلس أبو حارثة على بغلة له موجهًا إلى رسول الله ﷺ وإلى جنبه أخ له يقال له كرز بن علقمة يسايره، إذ عثرت بغلة أبو حارثة فقال له كرز: تعس الأبعد – يريد رسول الله ﷺ – فقال له حارثة: بل أنت تعست فقال: ولم يا أخي؟ فقال: والله إنه النبي الأمي الذي كنا ننتظره، فقال له كرز فما يمنعك من اتباعه وأنت تعلم هذا؟ فقال: ما صنع بنا هؤلاء القوم، شرفونا، وتولونا، وأكرمونا، وقد أبوا إلا خلافه، ولو فعلت نزعوا منا كل ما ترى! فأضمر عليها منه أخوه كرز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك" (١) .
ثم يقول في فقه القصة: "ومن تأمل ما في السير والأخبار الثابتة من شهادة كثير من أهل الكتاب والمشركين له ﷺ بالرسالة، وأنه صادق فلم تدخلهم هذه الشهادة في الإسلام، علم أن الإسلام أمر وراء ذلك، وأنه ليس هو المعرفة فقط ولا المعرفة والإقرار فقط، بل المعرفة والإقرار والتزام طاعته ودينه ظاهرًا وباطنًا" (٢) .
(جـ) ومن أخبار هرقل قيصر الروم:
روى أنس بن مالك قال: قال رسول الله ﷺ: من يذهب بصحيفتي هذه إلى قيصر وله الجنة؟
_________
(١) "زاد المعاد" لابن القيم جـ٣ ص ٣٨.
(٢) السابق جـ٣ ص ٤٢.
1 / 53