La Vérité: un message contenant des réponses pour prouver la doctrine de Darwin sur l'origine et l'évolution
الحقيقة: وهي رسالة تتضمن ردودا لإثبات مذهب دارون في النشوء والارتقاء
Genres
وهذه القضية للحكماء غير برهانية كما تراه ؛ إذ الوجود وحياة البشر قد تتم من دون ذلك بما يفرضه الحاكم لنفسه، أو بالعصبية التي يقتدر بها على قهرهم وحملهم على جادته، فأهل الكتاب المتبعون للأنبياء قليلون بالنسبة إلى المجوس الذين ليس لهم كتاب؛ فإنهم أكثر أهل العالم، ومع ذلك فقد كانت لهم الدول والآثار، فضلا عن الحياة، وكذلك هي لهم لهذا العهد في الأقاليم المنحرفة في الشمال والجنوب، بخلاف حياة البشر فوضى دون وازع لهم البتة فإنه يمتنع. وبهذا يتبين لك غلطهم في وجوب النبوات، وأنه ليس بعقلي، وإنما مدركه الشرع كما هو مذهب السلف من الأمة.» ا.ه.
ولا يخفى أن الإنسان في العمران اثنان: عاقل وجاهل، فالعاقل له بما يطلبه من المجد الصحيح، وبما اكتسبه كذلك من العلم الصحيح بأحوال العمران وازع من نفسه، وذلك لما في طبعه، بل وطبع كل حيوان من حب الذات، فهو يترفع عن ارتكاب شر بحق غيره؛ لئلا يعود هذا الشر بالوبال عليه، والجاهل كالعاقل يحب ذاته، وإنما لجهله قد يخطئ الوسائط، فلم يكن له رادع إلا من سيف حاكمه، وكلاهما إن لم يردعهما ذلك كله لا يردعهما سواه، وليجرب نزع الحكم الوازع من بين البشر مهما عظم إيمانهم، فإنهم يقعون في الفوضى، والإفاضة في هذا المبحث لا يحتملها المقام؛ لأنها تتناول البحث في الأخلاق والطبائع، وما للإقليم والتعليم والشرائع وسواها من الأثر فيها، وما تؤثره هي نفسها في ذلك كله كذلك، وما لاختلاف الناس من حيث اعتبارهم السعادة من الأثر في العمران بين أن تكون سعادة الفرد قائمة بسعادة الكل، أم بالضد، إلى غير ذلك من المسائل التي يطول شرحها.
قالوا: وأما غير ذلك من السعادة فمن مطامع المحال، ولا نرى في تعليم المحال جدوى، ولا نرى فيه إلا خلاف ذلك، قلنا: هذا هو فقط وجه الخلاف بينهم.
وأما ما جاء في رد المعترض من الأدلة على نفي التولد الذاتي، ونفي كون الحياة قوة طبيعية إلى آخر ما ذكر؛ فقد آوى منه إلى ركن ضعيف القواعد، متداعي الدعائم، ويدل على أنه لم يقرأ علم الحياة إلا في غير كتبه، ولم يسر فيه إلا في غير منهاجه، كما سنبين ذلك في فصل الحياة فيما يأتي، وهو أعم من أن يختص به وحده.
الباب الرابع
في الحياة وأصلها
وفيه أربعة فصول
الفصل الأول
في الحياة
ليس في طاقة الطبيعي أن يعلم الحقائق والماهيات، وكل علمه قاصر على معرفة الكميات والكيفيات، فهو لا يستطيع الكلام على الذوات مجردة عن صفاتها المقومة لها، فلا يعرف الحياة إلا من أفعالها، كما أنه لا يعرف الجاذبية أو الألفة أو سواها من القوى الطبيعية إلا من أفعالها، فنظره إلى الحياة مجردة ضرب من العبث كنظره إلى سائر القوى الطبيعية مجردة، فالحياة في ذاتها ليست أشد خفاء من الجاذبية أو سواها من القوى في ذاتها، وغاية ما يستطيعه في درس الطبيعة معرفة الأشياء بعضها بالنسبة إلى بعض، أي معرفة ما بينها من الارتباط. والعلم الصحيح يجب أن يوجه سعيه إلى هذه الغاية؛ فهي وحدها تتكفل له بالوقوف على ما في طاقته أن يقف عليه مما يكون به للإنسان فائدة عملية صحيحة.
Page inconnue