La valise bleue
الحقيبة الزرقاء: رواية عصرية أدبية غرامية
Genres
فابتسم وليم لهذا السؤال، وقال: أظنها تميل إليك يا إدورد.
فتورد وجه إدورد وقال: لا. لا تظن. - بل تميل إليك؛ لأنها ذكرتك كثيرا. - وعلام تميل إلي يا أخي؟ - لأنك شاعر وهي تحب الشعر.
ثم تطرقا في الحديث إلى مواضيع مختلفة، وبعد قليل انصرف إدورد إلى البيت قبل ميعاده المعتاد؛ لأنه آثر الاختلاء بنفسه.
اضطجع في السرير عند الساعة العاشرة، ولكن النوم لم يضطجع في جفنيه، فكان يترجح على سرير التأملات ويترنح في سفين من القلق على أمواج الأفكار، وباله يحوم حوله أمرين: الأول هل تحبه لويزا؟ والثاني لماذا أبى خاله عليه أن يحضر هذه الحفلة؟
أما أن لويزا تحبه فراجح عنده؛ لأن ما رواه له صديقه المستر وليم جراي أكثر من برهان دامغ على حب لم يزل في مهد الطفولية، فإذا كانت لويزا تذكر إدورد هذا الذكر على أثر مقابلة واحدة، تذكره تكرارا بالإطراء والمدح، وتذكره آملة بمجيئه، وتذكره غائبا أكثر مما تذكر الحاضرين. إذا كانت تذكره هكذا فالأرجح أنها تحبه، أما «لماذا تحبه؟» فلأنه استوفى الصفات والمزايا التي تبتغيها فيمن تحب، فكأنه صيغ في قالب أمانيها؛ فجاء طبق محبوبها المتخيل. أقول المتخيل لأن لكل خال من الهوى حبيبا خياليا يتخيل صورته في ضميره، كما تلهمه نفسه، ولكن ما الفائدة من حب إدورد؟ هل ترضى به بعلا؟ ذلك ما لم يؤمله إدورد ومع ذلك كان قانعا بأن يكون ذا صلة حب بها وكفى.
أما لماذا أبى خاله عليه حضور هذه الحفلة فلم يعلم، حار في هذا السر، وقد ازدادت حيرته لما علم أن اللايدي بنتن ليست كما صورها له خاله تمثال خيلاء ومثال عجرفة، بل هي كسائر المسترات النبيلات الجليلات قدرا والكبيرات عمرا.
ارتاب إدورد في نكسة خاله، ورجح عنده أنها حيلة مصطنعة يرمي بها المستر هوكر إلى غرضين في وقت واحد؛ الأول: أن يمتحن إحساسات ابن أخته نحوه ليرى هل يرق فؤاده ويمتنع عن أي تمتع ليبقى ساهرا على سريره، أو يتركه في فراش المرض ويمضي غير عابئ به. والثاني: أن يعرقله عن الذهاب ليعلم ما إذا كان في قصر كنستون جاذب قوي جدا يجتذبه بالرغم من داعي نكسته التي تستبقيه في البيت.
الفصل السابع
تنبيه لجاهل
في ضواحي لندن الشرقية حي متفرق المنازل، ينتهي ببعض الجنائن والغياض التي تتخلل البيوت، وسكان تلك البيوت هم زراع تلك الجنائن يستغلون منها البقول والفاكهة، وفي أحد أطراف ذلك الحي حانوت حقير يحتوي على أهم حاجيات المجاورين من أشربة روحية ومآكل وأمتعة منزلية ونحو ذلك. وفي الحانوت شيخ يناهز الستين، وقد بيض الشيب شعر رأسه ولحيته، ولم تزل فيه بقية من همة الشبان يدعى المستر جاكوب داي وله ابن في الثامنة عشرة من العمر يدعى هنري داي، وكلاهما يتناوبان الإقامة في الحانوت.
Page inconnue