Faits de Connaissance
حقائق المعرفة
Genres
ومنها أن من أراد السرى في ما لا يرضاه الله، وذكرها، امتنع من السرى من خوفها. وهذه الأشياء تدل على أن فعل الله لها حسن وأنه غير قبيح. وكذلك الدود والقمل والبق والبعوض والذباب وجميع ما يؤذي الإنسان فيها مصالح، عرفها من عرفها، وجهلها من جهلها؛ وجملتها البلية والتذكير، وتصغير الدنيا في أعين الناس.
فأما قبح خلق بعض الناس والنقصان الذي يكون فيه فليس ذلك بقبيح قطعا وإن قبح في أعين الناس، بل هو حسن، وذلك أن المنقوص ينتفع بما نقص فيه في الحال وفي المآل؛ أما في الحال فيمنعه النقصان عن ارتكاب المعاصي، وتصغر في عينه الدنيا، ويخفف عليه التكليف.
وأما في المآل فإنه بلية ابتلاه الله بها، فإن صبر عليها عوضه الله في الآخرة أفضل مما نقصه في الدنيا؛ من تمام الخلق والزيادة في الدرجات.
وكذلك من يكون خلقه جافيا يستقبحه الناس، فإذا صبر على البلية عوضه الله أضعاف ذلك. وإذا رأى حسن الخلق الكامل قبيح الخلق أو الناقص وشكر الله على حسن خلقه وتمامه زاده الله في الآخرة من الأجر والثواب، فكان النقصان نافعا للمنقوص وغيره.
وكذلك جفا الخلق. ألا ترى أن العبد الزنجي غليظ الخلق قوي البنية وهو مع ذلك راض بخلقه غير مستوحش من نفسه. فإذا نظر إليه الكامل العاقل المالك لنفسه علم أن الله قد فضله عليه وأتم خلقه وأحسن إليه، فإذا علم ذلك وشكر الله على ذلك استحق الأجر والزيادة بالشكر. وإذا صبر العبد وأطاع ربه جزاه أيضا، وأعطاه عوض ذلك في الآخرة.
Page 192