Les vérités de l'Islam et les faussetés de ses adversaires
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genres
وهذا ما صنعه الإسلام في جنايات الحدود والقصاص، وفي غيرها من الجنايات التي تدخل عند الفقهاء في باب التعزير، وعلينا أن نذكر:
أولا، أن الحدود مقيدة بشروط وأركان لا بد من توافرها جميعا بالبينة القاطعة، وإلا سقط الحد أو انتقل إلى عقوبات التعزير إذا كان ثبوته لم يبلغ من اليقين مبلغ الثبوت الواجب لإقامة الحدود.
وأن نذكر - ثانيا - أن القصاص مشروط فيه العمد وإرادة الأذى بعينه، فإن لم يثبت العمد فالجزاء الدية أو التعزير، وقد يجتمعان أو يكتفى بالدية دون التعزير أو بالتعزير دون الدية.
ولنذكر أن جرائم التعزير تشمل جميع الجرائم التي يعاقب عليها بالسجن أو بالغرامة أو بالعقوبات البدنية.
ولنذكر في جميع هذه الأحوال أن الشريعة الإسلامية توجب درء الحدود بالشبهات للشك في ركن من أركان الجناية أو ركن من أركان الشهادة؛ فلا يقام الحد، وينظر ولي الأمر في التأديب بعقوبة من عقوبات التعزير.
ولنضرب المثل بأكبر جنايات الحدود وأشيعها في الجاهلية العربية وجاهليات الأمم في عنفوانها، وهي جناية قطع الطريق والعبث في الأرض بالفساد؛ ففي هذه الجناية يقول القرآن الكريم:
إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم * إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم (المائدة: 33-34).
فهذه جناية لها عقوبات متعددة على حسب الأضرار والجرائر، ومنها القتل والصلب وقطع الأطراف والنفي؛ وهو بمعنى النبذ من الجماعة إما بالسجن أو بالإقصاء، ويلزم العقاب من لزمته أحكام الدين، فإذا كانت جنايته قد انتهت بالتوبة قبل أن يلزمه قضاء الإسلام، فهذا هو الباب الذي فتحه الإسلام لابتداء عهد وانتهاء عهد غبر بأوزاره وعاداته، وانطوى حساب الجناية والعقاب فيه بانتهائه.
وأشد هذه العقوبات لم يكن شديدا في عرف أمة من الأمم عوقب فيها من يقطعون الطريق ويعيثون في الأرض بالفساد، مع حضور الحذر وكثرة مغرياته وقلة الزواجر الاجتماعية التي تحمي المجتمع من أضراره وجرائره، وقد كانت عقوبات القتل والتمثيل قائمة في جميع الأمم مع قيام الجريمة وقيام أسباب الحذر منها، وظلت كذلك إلى القرن السابع عشر في البلاد الأوروبية التي استقر فيها الأمن بعد الفزع، وانتظمت فيها حراسة الطريق بعد الفوضى التي طغت عليها من جراء فوضى الجوار بين الحكومات.
وتلحق بجناية قطع الطريق جناية السرقة التي لا غصب فيها، وشروطها أن يكون السارق عاقلا مكلفا، وأن يكون المال المسروق محرزا مملوكا لمن يحرزه بغير شبهة، بالغا نصاب السرقة كما يتفق عليه الفقهاء، وكل جريمة من قبيل السرقة لم تثبت فيها هذه الأركان المشروطة، فلا يؤخذ فيها الجاني بحد السرقة ويؤخذ فيها بعقوبات التعزير، وعند الصرورة التي يقدرها الإمام يجوز العفو كما عفا عمر بن الخطاب - رضوان الله عليه - عن الغلامين السارقين في عام المجاعة.
Page inconnue