Les vérités de l'Islam et les faussetés de ses adversaires
حقائق الإسلام وأباطيل خصومه
Genres
إنه الدين الذي نتعلم منه أن الإنسان مخلوق مكلف.
لا جرم تقوم عباداته على رعاية حق الضمير المسئول واستقلاله بمشيئته أكرم رعاية.
ومرة أخرى نعود في ختام هذا الفصل عن العقائد فنسأل: أهذا هو الدين الذي يستبيح من يدري ما يقول أن يزعم أنه نسخة محرفة من دين قديم؟
الفصل الثاني
المعاملات
من العلماء المشتغلين بالمقارنة بين الأديان من يسلم لعقائد الدين سموها ونزاهتها، ولكنه مع هذا يعيب الدين نفسه بشرائعه وأحكام معاملاته؛ إما لأنه يرى أن الأديان ينبغي أن تكون مقصورة على العقائد والوصايا، ولا تتعرض للتشريع وأحكام المعاملة التي تصطدم بالحوادث العملية وتجري مع تقلبات الأحوال في البيئات المختلفة والأزمنة المتعاقبة على سنن شتى، ولا تخضع للنص الواحد في جميع أطوارها وملابساتها.
هذا، أو لأنه يعيب المعاملات لذاتها ويرى فيها نقصا يتجافى بها عن مبادئ العدل وأصول الآداب المرعية بين أمم الحضارة.
وقد تعمدنا - من أجل هذا - أن نتبع الكلام على العقائد الإسلامية بالكلام على المعاملات الإسلامية، وتحرينا في الكلام على هذه المعاملات أن نقصرها على أبواب المعاملة التي وردت فيها أشد الشبهات على الشريعة الإسلامية في العصر الحاضر، من جانب علماء المقارنة بين الأديان، أو من جانب المبشرين العاملين على تحويل المسلمين في بلادهم من عقائدهم وأحكام دينهم، ونقدم بالقول - على التخصيص - تلك المعاملات التي قيل: إنها علة تأخر المسلمين وعجزهم عن الأخذ بأسباب الحضارة ومجاراة الأمم في ميادين الأعمال الاقتصادية والشرائع العملية. ونعني بها معاملات الشركات والمصارف ومعاملات الجزاء والعقاب في القوانين؛ فليس من غرضنا في هذا الكتاب أن نبسط القول في المعاملات بمعناها المعروف بين الفقهاء من معاملات البيوع أو معاملات الأحوال الشخصية، وما إليها من أبواب الأحكام التي لا ترد الشبهة عليها من خصوم الإسلام وممن يفترون الأباطيل عليه، وربما تناولنا بعض هذه الأبواب في موضعه من الكلام على الحقوق الاجتماعية، ولكننا لا نحسبها من مواطن الشبهة التي يقال من أجلها إنها قد حالت بين المسلمين فعلا وبين النهوض بأعباء الأعمال الاقتصادية وأعمال التشريع في العصر الحديث.
والذي نراه من مراجعة النقد الديني أن المنكرين لتعريض الأديان لشئون المعاملات مخطئون، لا يجشمون عقولهم مئونة الرجوع إلى نشأة الشرائع الدينية في أوقاتها ومناسباتها، وإلا لعرفوا أن هذه الشرائع لازمة للعاملين بها لزوم العقائد والوصايا الأخلاقية، وأن العقائد تصطدم بالواقع كما تصطدم به أحكام الشرائع؛ فلا معنى لاختصاص أحكام الشرائع وحدها بالنقد إذا كانت العقائد معها عرضة للامتحان مع تقلبات الأحوال وتجدد الطوارئ والضرورات.
والواجب في رأينا أن يكون النقد كله موجها إلى المعاملات لذاتها إذا كان فيها ما يجافي مبادئ العدل وأصول الأخلاق، ويحول دون مجاراة الآخذين بها لسنن التطور والتقدم وضرورات الحياة العلمية جيلا بعد جيل.
Page inconnue