Nostalgie de la mythologie : chapitres sur la pseudoscience
الحنين إلى الخرافة: فصول في العلم الزائف
Genres
ولذا لم يأت انعتاق العلم من الخرافة دفعة واحدة، وظل الفكر الخرافي يعايش العلم ردحا من الزمن، ولعله ما يزال يخامره إلى يومنا هذا، وقد عاشت البشرية أمدا طويلا وهي حائرة بين الخرافة والعلم؛ لأن الخط الفاصل بينهما لم يكن واضحا، ويكفي أن نذكر أن كبلر نفسه، الذي اكتشف المدارات البيضاوية للكواكب واهتدى إلى مجموعة من أعظم القوانين الفلكية الرياضية، كان يؤمن بالتنجيم ويمارسه، ولم يكن يعتقد أن ممارسته له تتعارض على أي نحو مع عمله العلمي الدقيق، بل إن السعي إلى جعل التنجيم والتنبؤ بالطالع أدق ربما كان واحدا من أهم الأسباب التي حفزت العلماء على الاشتغال بعلم الفلك!
9
ترتع الخرافة في المناطق التي ما تزال عصية على العلم، ترتع في «الفجوات»
gaps
المعرفية الباقية، وكلما أضاء العلم شبرا من هذه الغياهب انسحبت منه الخرافة وهي تلم أذيالها وتعصب عينيها من خشية الضوء.
غير أن الأمر ليس بهذه البساطة وهذا الاختزال، فالحقيقة أن الفكر الخرافي هو من الرسوخ في أعماق البشر بحيث يصعب اجتثاثه حتى في عصر العلم وحتى لدى أعلى الفئات تعليما! ووفقا للتحليل النفسي فإن الخرافة - بأرواحها وأشباحها وغرائبها - تبدو جزءا من التكوين النفسي للإنسان، يظل كامنا في اللاشعور إلى أن تطرأ ظروف تصعد به إلى السطح الخارجي، ويبدو أن العلم والخرافة، وإن كانا ينتميان إلى عصرين مختلفين، يظلان متعايشين في نفوس البشر أمدا طويلا، وكأنهما طبقتان جيولوجيتان متراصتان الواحدة فوق الأخرى في الجبل الواحد، وكل منهما ترجع إلى زمن مختلف.
10 (4) تشارلس فرانكل، طبيعة اللامعقول ومصادره
تعقيبا على مظاهر الردة الفكرية في المجتمعات الغربية، وعلى الموجة العارمة للنزعة المضادة للعقلانية
irrationalism (اللامعقول) في القرن العشرين، أصدر الفيلسوف الأمريكي تشارلس فرانكل مقاله الشهير «طبيعة اللامعقول ومصادره»، المنشور في مجلة
Science
Page inconnue