إهداء
مقدمة
الأيام الحلوة
كانت أيام
غصب عني
ساعات
انسحبت
أيوب أنا
مش ده حسين؟
اعتراف
الحنين الباكي
مش بنساكي
كان زمان
أشكي لمين
البرد الحزين
معقول نسيت
حرام وحلال
إنت السبب
ضاقت أوي
خطاب للحظ
إحساس غريب
ندمان أوي
لساك فاكر
ونيس الصدى
افتكرتك
قطر السفر
محروم
المزاد
بين دمعتين
بخسر كتير
وحشاني يا امه
النفاق
ريشة
ظل السراب
مش أنا
من غير سبب؟
ناس، وناس
إهداء
مقدمة
الأيام الحلوة
كانت أيام
غصب عني
ساعات
انسحبت
أيوب أنا
مش ده حسين؟
اعتراف
الحنين الباكي
مش بنساكي
كان زمان
أشكي لمين
البرد الحزين
معقول نسيت
حرام وحلال
إنت السبب
ضاقت أوي
خطاب للحظ
إحساس غريب
ندمان أوي
لساك فاكر
ونيس الصدى
افتكرتك
قطر السفر
محروم
المزاد
بين دمعتين
بخسر كتير
وحشاني يا امه
النفاق
ريشة
ظل السراب
مش أنا
من غير سبب؟
ناس، وناس
الحنين الباكي
الحنين الباكي
شعر بالعامية
تأليف
زينب عبد التواب رياض
إهداء
إلى العمر الضائع،
إلى الألم الذي أدبني كأخلاقي،
إلى وعود حسبي أنها أخلفت وكفى!
زينب عبد التواب
مقدمة
في صمت الليل سمعت همس الذكريات، ومرت أمام عيني صور الحياة الماضية، وأشخاص كنت قد تناسيتهم بفعل السنين، ولكنها لحظات ووجدت شريط ليالي وأيامي التي ذهب بها الزمان إلى غير رجعة، وما كنت أدري هل كانت ذكريات سعيدة فأردت استرجاعها، أم ذكريات حزينة هاجمتني لتحيا مع أشباهها؟
فكأن اليأس ينادي أقرانه، وكأن الحزن القابع في حياتي يسترجع الماضي البعيد، رفعت عيني للسماء فتعاقبت على نفسي وجوه كغيوم الشتاء، فعانقتني عناق العائد من غياب طويل، ورأيت جيراني وأصحابي وإخوتي وأبي وأمي وشارعنا القديم، ورأيت مدرستي وتذكرت أحداثا كادت أن تتلاشى في طيات العمر الذي ما شعرت به، وما أدري أهو بالقليل أم بالكثير؟
فما هي إلا أيام قلائل تلك التي سعدت بها، والتي أرغب في تدوينها بأوراقي. وما عدا ذلك أراه فصولا غابرة عشتها بالأمس وطواها الدهر، ورغم هروبي من تلك الذكريات إلا أنني عندما أدركت أنها أشباح ذكرى، وأنني وحدي، نظرت حولي ولم أجد شيئا مما رأيت. وحدي في صمت الليل وبرد الخوف وسكون الظلام، فناديت ولم يرتد إلي إلا صدى صوتي وصرخات قلبي الجريح، وحدي وصمتي ودموع تخشى السقوط!
الأيام الحلوة
لم أكن أعلم بأنها أيام جميلة إلا بعد أن رحلت وغابت معالمها، لم يتبق منها إلا قليل من ذكريات تأتي أشباحها لتراوض خيالي، وتجعلني أقول: «ياه كانت أيام.»
ربما لو عادت لوجدتها صعبة وتخلو من جمال، لكنها كانت آنذاك هي الجمال ذاته، أيام الطفولة وإن كنت لم أحي طفولتي مثل أقراني، فكانت طفولتي تغلفها المسئولية وجملة أبدا ما فارقت مسامعي: «إنتي الكبيرة.»
وجدتني أتذكر تلك الأيام، أتذكر جدتي والدكان ولمبة الجاز، أتذكر صوت الوبور وأستشعر دفئه وقت الشتاء، أتذكر صوت جدتي، وانشغال أمي بنا وكنا وقتها تسعة أبناء (ست بنات وثلاثة أولاد).
أتذكر اللعب في الحارة، وشتوية زمان، وبياع العرقسوس والمغربية والمدفع والأذان، ولوح الثلج وقت بيعه قبل المغرب لتجهيز العصير في رمضان، وينادي بياع العصير وينادي بياع الثلج، وتأتي روائح الطعام وما أشهاها من كل البيوت، زينة رمضان وقد علقت أشبه بعناقيد عنب في الحواري والشوارع، السوق وبياع الخضار، عم سعيد الجزار، دكان جدتي بالجزيرة، ريحة التراب وهو مختلط بريحة المطر، ويداي وقد تحولت للون الأزرق من شدة البرد، شواء الذرة على الفحم أمام دكان جدتي، قاعدة الجيران على المصطبة، ووالدتي وقد أشعلت لمبة الجاز وهي منتظرة عودة أبي في المساء حتى يقص عليها عناء اليوم.
كانت أيام
وكأن عمري يا دوب سنين،
والباقي وهم ما يتحسبش،
أنسى اللي عدى عليه يومين،
وفي عقلي عايش ألف وش! •••
من جيل بعيد راح وانتهى،
بتاريخ نتيجة على الجدار،
لكنه محفور جوا مني،
في كل سكة وكل دار. •••
ريحة زمان ودفا البيوت،
والمغربية وصوت أدان،
جلابية الليل الجميل،
واللعب مع بنت الجيران،
دكان حارتنا وجدتي،
شوي الذرة وحكايات زمان. •••
ريحة الوبور والأكل،
واللمبة أم جاز،
والنور يا دوب،
يرسم خيوطه ع الإزاز. •••
الراديو والقرآن،
وشيخ عبد الصمد،
رمضان وزينة معلقة،
فوق العدد. •••
نسمع لصوت بياع عصير،
أو عرقسوس،
والثلج ألواح،
بيبعوها بالفلوس،
ولا كانش فيه غير بس زير،
كوباية أو قلة وحصير. •••
كل البيوت فاتحة البيبان،
واطباقها مع صوت الأذان،
يعزف نشيد يملى الودان. •••
وكأن مغرب يومنا عيد،
الكل كان فرحان سعيد،
وندور ونلعب إيد في إيد،
مابقاش فاضلي غير أدان،
أسمع وأقول: والله زمان!
غصب عني
لسه فاكر كل حاجة،
كأنه عدى يا دوب يومين،
لسه فاكر كل كلمة،
كأني رافض للسنين،
لسه بسأل تاني نفسي:
ليه وداعنا كان حزين؟
والطريق رافض يكمل،
يسألني عنك.
هي فين؟ •••
أنا غصب عني
بشوف ملامح وشها،
وقابلتك انتي
وهي لسه بحبها
وفي قلبي صورة،
ياما لها رسمتها
أنا لسه فاكر كل حاجة كأنها،
مش من سنين،
صدقيني حاولت لكن،
جوا مني الحب ساكن،
لون حياتي في عيني داكن،
مش بإيدي؛
غصب عني!
خايف اني اشوف عيونها،
جوا مني بنفس لونها؛
صوتها،
ضحكتها،
وجنونها!
بفتكرهم،
غصب عني!
أيوا حاسس دق قلبك.
عارفة إيه كان كل ذنبك؟
إني شوفت عنيها قبلك،
حبها كان غصب عني،
كلمة الحب اللي كانت،
عمرها ما عليا هانت،
ليل نهار دايما بقولها،
بس ليها،
غصب عني!
ساعات
ساعات الدنيا بتاخدني،
واحس بتوهة وبزحمة،
واعيش حاضر بدون رحمة،
والاقي طريقي يسحبني،
لحلم بعيد،
ومش مضمون!
وبين أحلام تعشمني،
وبين واقع بيخذلني،
بتتبدل كده التوهة،
وتزرع جوه قلبي ظنون.
وتتراجع سنين عمري،
وخوفها يدوب،
بكلمة صبر،
واحس الفرحة مخنوقة،
وخوفي يزيد،
يضيع العمر،
وألواني اللي حبتها،
بتتحول للون واحد،
ماحبتهوش،
أدندن بالكلام ألحان،
ألاقي آمالي مخنوقة،
وفرحي يعيش كما المسجون،
ولما أضحك بتبكي عيوني،
فأقول خير.
أشوف الدمعة في الضحكة،
وفي الأحزان،
يموت الخير،
وأهدافي اللي كنت في يوم محددها،
كده نسيتها.
وتاهت زي،
صارت جزء من صورة،
بلون الصبر،
ونرجع بالظنون لظنون،
وكلمة «لو»،
تتردد بمليون لون،
وتزرع من جديد أوهام،
وأقول «لو» كنت تاني أعود،
وأختار تاني م الأول،
وأبدأ عمري م الأول!
كلام في كلام؛
لا كلمة «لو» هتنفعني،
ولا الماضي هيسمعني،
ولا العمر اللي انا عشته،
بكلمة «لو» هيرجع لي!
انسحبت
ولقتني بنكر دمعتي،
بهرب وبظهر ضحكتي،
وانا كله موجوعة وبغني،
آه يا قسوة وحدتي! •••
وهربت
لتبان الدموع،
والسكة مش سكة رجوع،
ومشيت أنا،
وحدي هنا،
ومليني إحساس بالخضوع. •••
جوايا صوت الانكسار،
والوحدة زي الغربة نار،
وانا وحدي ليه؟
وعملت إيه؟
وليه ماليش أي اعتبار؟! •••
زي الهوى عايش بفيد،
وتاخدني إيد،
تحدفني إيد،
عايش على الهامش بعيد،
اشتقت اشوف لون النهار! •••
معقول خلاص،
وأوام كبرت،
أحلف يمين،
بالله ما عشت،
هات الكتاب،
شوف الجواب،
واسأل واراهنك،
لو جاوبت! •••
أنا عمري ضاع،
من غير ثمن،
صابر على مر الزمن،
وما بين ندم،
وحنين وشوق،
بتعدي بي كتير محن. •••
بالكذب عايش بالحنين،
لأيام زمان،
ريحة السنين،
ويأخذني صوت،
يسجني صوت،
والذكريات ترفض تلين.
أيوب أنا
ساعات الدنيا بتاخدني،
لموج عالي يغطيني،
واحس بروحي مسحوبة،
وهم الدنيا يطويني،
وتتجدد وشوش الناس،
تصورهم كده عيوني،
خيال ضايع مع الذكرى،
يزيد الهم بشجوني،
خطاوي وكلمتين وخلاص،
وأغرق تاني في ظنوني!
وبين نفسي اللي انا نسيتها،
وبين الماضي وجنوني،
تضيع صورة هنا داريتها،
وخبيتها بجدراني.
ويهمس حزني بالذكرى،
والاقي الهمس في وداني.
أنا اللي زماني علمني،
أقول الآه في ألحاني،
واغني الوهم واتريني،
بضيع بمكاني من تاني.
وبضحك حتى على جرحي،
وأعمل نفسي مش داري،
وبتفاجئ بصورة هناك،
على الحيطة ورا الشباك،
بشبه حتى على نفسي،
تضيع صورتي مع زماني.
وليه يا زماني خلتني،
أعيش صمتي وكتماني،
ولو سألوا،
أقول مبسوط!
وأضحك،
وابتسم وأموت!
وضحكي يزيد،
أقول وأعيد،
وأعمل نفسي إني سعيد،
وانا الأحزان ملازماني!
وحالفة في يوم،
ما تنساني!
مش ده حسين؟
مش ده حسين؟
ياه ع السنين!
إوعاك تقولي انت مين؟
النخلة والدوم،
والقروش والمريلة،
واللعب بالمراجيح،
ورسم المنقلة،
وقت المطر،
والطين!
وعصرية زمان،
صوت الأدان،
ريحة الغدا،
صوت أمي،
مع صوت الندا،
يا محمدين.
مش ده حسين؟
والسوق،
وعم أحمد،
وبياع العصير.
نداغة بونبوني،
وسكر في الفطير،
نفرش ونقعد،
أو نذاكر ع الحصير،
نرسم نجوم،
ونام ونشكر ربنا،
وحشتني تاني المريلة!
والنخلتين والفسحة،
مع صوت الجرس،
أستاذ سعيد،
وعصايته،
أيام الحصص!
مش ده حسين؟
فاكر خناقنا،
هناك،
في حوش المدرسة!
أيام زمان يا حسين،
في عمري ما تتنسي!
والنحلة والكورة،
وطيارتي الورق،
دابت خيوطها،
مافضلش غير ذكرى السنين،
وشوية من باقي الشبه،
خلوني أسأل بالأنين،
مش ده حسين؟
ورجعت تاني للحواري الضيقة،
وما بين وشوش تايهة وماليها الشقا،
وفرت كل الأسئلة،
إلا سؤال:
بيتنا القديم عنوانه فين؟
ما سمعت غير التريقة!
عيل صغير ولا تايه ولا مين؟
وسألت كل الموجودين،
واتاريني في البيت القديم!
لكن حيطانه اتبدلت،
ووشوش كتير اتغيرت،
وملامح الماضي اللي كنت زمان قاريه،
ماعرفتهاش!
تفاصيله راحت ويا تفاصيل الوشوش!
اعتراف
من كلمة تايهة بين شفايف كدابين،
من رعشة الصوت اللي مليان بالحنين،
من نظرة خايفة تبين الحب السجين،
كان اعتراف الرفض باين في العنين!
وسلام حزين هو اللي باقي في الإيدين!
نهرب بإحساس ننكره ومخبيين،
ونخاف يبان في الابتسام،
ونخاف يبان كده في السلام،
ونمد إيدنا لبعضنا والشوق ينام،
بين ضمتين.
وأقول وحشني يرد بإيديه اليمين:
وحشاني أكتر.
وانسحب في وداع حزين،
وابعد أوي واهرب ونفسي ارجع بشوق،
يبعدني واقع عشت فيه،
وأوام أفوق،
على عمر ضاع،
على حب زي العمر، ضاع!
وأبص فوق،
وارسم خيال،
وأقول لنفسي:
مفيش محال،
هعمل لنفسي في قلبه بيت،
واسكن بوهمي،
ولو مشيت،
هرجع وتاني،
هكلمه!
وهقول واعيد،
ومش بعيد،
ألقاه في يوم،
وأفكره،
بوعود كتير!
ولحد بكره ما ييجي،
أقول:
تصبح بخير!
الحنين الباكي
كثيرا ما يراودك الشوق إلى أشخاص يخيل إليك أنهم ما زالوا على عهدهم القديم، ترفع سماعة الهاتف كي تسمع صوتهم، فلا تجد إلا جمودا وبرودا وسلاما لا يحمل أي معنى للحياة، وقتها تغرق في اللاوعي؛ هل أنت السبب، أم الزمن، أم هي طبائع الناس، ويتبقى سؤال: لماذا ظلوا بقلبي رغم ابتعادهم؟ ولماذا لم أطبق أنا هذا القانون؟!
أبحث في فلك الوهم، أشتاق ولم أجد من يشتاق يوما إلي، وكأنني فراغ! كأنني طيف، لا، لا، بل أنا سراب لا يرى إلا في صحاري العمر الضائع!
إحساس مرير أن تصبح رغم وجودك في الحياة من الأموات، ترى هل سأنال شهادة ميلاد تثبت أني من الأحياء قبل أن يستقيم خط نبضات القلب ويكف عن تعرجاته، وقتها هل ربما يقال عني: «كان طيب الله يرحمه.» وربما قد يقال: «مين فلان؟ مانعرفوش.»
والآن أما آن لك أيها القلب البائس، أن تضع الناس في نصابهم الصحيح، لا تنتظر منهم أكثر من اللازم، ولا تنتظر منهم أن يثنوا عليك ولو بالقليل، فالبخل حتى بالمشاعر أصبح هو السائد في زمان غلبت عليه المصالح، وما دمت بعيدا عن دائرة المصالح، فأنت بعيد عن قضاء حوائجهم، فلن يتذكروك ولن يحتاجوا سماع صوتك ولا حتى مصادفة، فلتكف عن النحيب ... انتهى!
الحنين الباكي
بدور بين وشوش الناس،
عن الماضي اللي عدى وفات!
وتبقى النفس مشتاقة،
لكلمة حب أو سلامات،
ولو بالكدب هنقولها!
ولو بالعين نسجلها!
ونرجع بالسنين لسنين،
ندور فيها ع اللمات،
وهانت ع الصحاب أيام،
ما هانت عندي لدقيقة!
وبسأل ليه بتتغير،
نفوس كانت هنا بريئة؟
وتتبدل وشوش بوشوش،
وصاحبي كأني ماعرفهوش،
وجف الصوت،
كأني بموت،
وأسلاك تنقل الكلمة،
بكل برود،
وأقول مالك وحشني كتير،
بدون تفكير،
يرد بكلمة محفوظة،
وحشني اكتر، ووالله زمان!
ويتغير كلام بكلام،
ونقفل كل ده بسلامات،
ويتحول سلامنا أوام،
رسائل واتس أو رنات،
تجيلك بس في مناسبات!
مش بنساكي
ومش بنساكي؛
ما قدرشي،
حاولت كتير؛
ما بعرفشي،
بالاقي عنيا بتدور،
على طريقك،
وفيه بمشي،
وأهرب من حنيني واخاف،
ألاقي الدنيا وخداني،
وسبقاني،
مابلحقشي!
عيونك زادي عشت عليه،
ومن غيرهم؛
ما بحلمشي،
وصوتك لي حدوتة
ولو عدت سنين عمري،
بحبك أيوه مابخافشي!
ولو مسافات هتبعدنا،
وهخسر عمري،
ماندمشي!
هجيلك حتى في خيالي،
ولو ع الشوك أنا همشي،
ولو بعدتنا دنيتنا،
هنتقابل ولو ذكرى،
هعيش تفاصيلها حكايتنا،
وحالف إني ما أنامشي،
لحين ما تكحلي عيوني،
بنظرة تعوض الماضي!
عليها أعيش واكون راضي،
يا دنيا ضيعتني سنين،
وعشت العمر ع الفاضي،
هنتقابل في كل مكان،
في ظني،
أو في أحلامي،
ما دام القلب بيحاول،
هشوف الماضي أدامي،
من اين ما بروح،
معاكي الروح،
يا أحلى نغم في أيامي!
كان زمان
نكبر وتحنينا السنين،
وقلوبنا حالفة تعيش زمان!
حالفة تعيش كل اللي كان؛
حفل أم كلثوم،
والأغاني والصحاب،
درويش وألحانه،
وصوت عبد الوهاب،
سلطان وناجي،
ولا فوزي ومطلب،
أيام جميلة تعلمك؛
إزاي تحب!
الفن كان راقي وجميل،
والنيل هواه بهواه يميل!
وقلوبنا تعزف توزيعات،
وتعدي بينا أوام ساعات،
عايشين في دنيا لوحدنا،
عالم جميل بيضمنا،
ودا كله كان، والآن ما فيش!
وعشان نعيش،
رجعنا تاني الذكريات والفضفضة،
يمكن نحس في لحظة بايام الرضا،
تطردنا غربتنا ونرجع من سكات،
ونعيش بوحدتنا نفكر في اللي فات،
ونتوه وتنسانا الوشوش،
وكأننا وهم ورتوش متفرقة!
وبقينا ناخد تريقة،
من كل لون؛
أغراب وعايشين وسط أيام الجنون!
أشكي لمين
أوقات بييجي الكسر؛
من أقرب ما ليك!
وبدل ما يجبر كسرتك؛
بيموتك!
وتحس جرحك مرتين!
والنزف فيك،
ينزف عليك،
أوقات تحس الكون يضيق،
وما فيش أمل،
وما فيش طريق!
وتلاقي أقربهم إليك؛
بخلان بكلمة تبل ريق!
ما بقاش زمان الطبطبة،
وفر وما تمدش إيديك،
مستني إيه؟
مستني مين؟
ما الصورة أهي أدام عنيك؛
الضرب من أقرب ما ليك!
طب مين يغطي؟
ومين يداري؟
ومين يشد؟
أنا بشكي منك ولا ليك؟
الخوف ملاني،
ولسه ليه خايف عليك؟
دا مافيش في قلبي ذكرى حتى اشتاق لها!
صفحات قسية وكيلي فاض من عدها!
البرد الحزين
برد الشتا!
والضلمة،
والليل الحزين!
همس البيوت،
شبابيك،
وأبواب مقفولين!
تايه مع الدنيا،
ومش عارف لفين،
بياخدني شوقي بعيد،
ويرجع بالحنين!
وأنا لسه بحبي،
ولا بجري مع السنين؟
والعمر كان،
مافضلش غير صوت الأنين! •••
أيام زمان كان الشتا؛
لمة ودفا،
صوت الوبور والشاي،
وريحته مهفهفة!
من كل بيت تسمع سكات،
ليل الشتا،
وتحس من همس الكلام،
معنى الرضا،
دلوقتي بردي مايكفهوش؛
مليون غطا!
بتعدي بي الذكريات ،
متلخبطة،
اضحك شوية وبعدها،
أبكي لساعات!
على عمر راح ونهار خلاص؛
عدى وفات!
مافضلش غير لحظة غروب،
ووداع حزين!
والضحكة خارجة،
من شفايف كدابين!
واسأل خيالي وأقول لنفسي:
راحو فين؟
وترد نفسي بالسؤال قاصد لمين؟
ماعرفش ارد!
مش لاقي حد،
ولا حتى عارف مين أنا!
ضاعت ملامحي بين ورق!
الاسم مكتوب،
بس مش إسمي أنا،
العمر مكتوب،
بس مش عمري أنا،
معقولة عشت أوام كده؛
خمسين سنة؟
عدى النهار،
ونهاري عدى مع النهار،
وفتحت مع نفسي الحوار،
ورفضت أوراقي أخدت خلاص قرار،
أرجع بعمري وابتدي تاني النهار!
معقول نسيت
مش ده شارعنا اللي فيه بيتنا القديم؟
معقول نسيته ولا رافض أمشي فيه؟!
رجلي ليه خايفة كدة؟
والخطوة ليه متهددة؟
كل الوشوش ماعرفتهاش!
فيه اللي راح وفيه اللي عاش!
حاسس بتوهة وسط شارع كان طويل،
البيوت فيه كانت قديمة مزنقة،
وحيطانها عاملة زي ليل،
على كل ناحية ناس كتير،
وكلام وصوت عالي وعويل،
وكأني بينهم شيء غريب!
رصداني منهم ألف عين،
نظرات وهمس وهمهمة!
والكل يسأل: مين أنا؟
الخوف ملاني جريت؛
بذكرى فقدتها،
ورسمت شارع في الخيال!
ورسمت بيت مليان عيال!
وسمعت صوت أمي،
وزودت الخيال!
ورجعت تاني ألملم الخوف اللي طال،
وعرفت يومها معنى إني أعيش هدر،
عمري اللي فات كان لعبة في إيدين القدر!
والذكرى كانت حلم مليان بالأنين!
ماشيين مع الأيام ومش عارفين لفين!
وما بين حنين بيشدنا،
نتحدى لحظة ضعفنا،
ونغمي عينا عشان نعيش،
مع عمر هازماه الحياة!
وفي النهاية مانلاقيش؛
غير كسوة تاني تضمنا،
وسلام سريع ودموع وآه،
ويقولوا كان ويقولوا ياه!
عدت وكانت دي الحياة!
حرام وحلال
عادات الناس ترددها،
وكلمة تزيدها وتعيدها،
وتحرق فينا بالمسافات،
أثور واغضب،
تلجمني قيود العيب؛
حرام وحاجات،
ما بين الدين وبين دنيا،
وناس عايشة،
وناس أموات،
يتوه الحق في الباطل،
ونرحل من سكات لسكات!
ولسه الخوف مصاحبنا،
وحالف إنه ما يسيبنا!
نحس المر ونحاول،
نحلي العمر بالضحكات!
ونضحك تاني على روحنا؛
بأن الجاي أكيد أحلى،
نكمل نمشي واتارينا؛
غرزنا رجولنا في الوحلة!
أتاري الجاي مش أحلى،
وأتاري الماضي عدى وفات!
بعدنا وتاهت المسافات!
وشوش تضحك يا دوب في الوش،
ولو تقدر بدبش تدش،
ونضحك بس على روحنا،
ونتقابل بمليون وش!
واقول صاحب،
ونتصاحب،
وألقى الغش
تالتنا!
إنت السبب
أنا مش أنا،
ولا الشعور فيا اتبدل؟
صبري عليك،
خلاني أشعر بالملل،
من قسوتك؛
كل الحنين فيا اتقتل!
وبقيت خيال،
وبقيت محال،
مش حاسة فيك أنا بالأمل!
ومريض أنا ومافيش دوا،
صابر ومليان بالعلل! •••
مرت سنين من كترها؛
صارت بتشبه بعضها،
مش فيها غير طعم المرار!
وايام بعيشها واعدها،
مش حاسة منك أي شوق،
صبر السنين اللي اشتكت،
خلتني أغرب في الشروق!
إحساسي بيك راح وانتهى،
فرصك أوام خلصتها! •••
خلتني أندم إن يوم؛
فكرت فيك،
ووقفت ضد الدنيا،
واتمسكت بيك!
خلتني رافض أعترف إنك شريك.
ضاقت أوي
قالوا الفرج حتما هييجي؛
بعد ضيق،
ضاقت أوي،
وانا وسط موج عالي وغريق!
أرفع ايديا ما الاقي حد يشدني،
وأنادي علو الصوت،
وما القاش أي شيء!
غير قشة عايمة،
ياخدها موج ويجيبها موج،
أصرخ أنا المظلوم؛
أنا المسجون بريء!
والذنب إني حلمت؛
أحقق أي شيء!
وأتاري حتى الحلم،
مالياش حق فيه،
قررت أحاول،
أو أروح حتى اشتريه،
وادفع تمن،
وسنين دفعت وبعدها،
مالقتش شيء!
وبقيت غريق!
والقشة عايمة،
تشدني وأشدها،
وغرقنا، ضعنا!
وضاع معانا كل شيء!
خطاب للحظ
عزيزي الحظ،
كيف حالك؟
وحشني،
وناسي أحوالك!
جواب واتنين وبكتب لك،
وناسينا ولا في بالك!
تعالى يا حظنا وسلم،
بكلمة صغيرة اتكلم،
وسمعنا كده صوتك،
بتتقل ليه؟
تعالى سلم.
إحساس غريب
إحساس غريب؛
إنك تعيش الصبر،
وتدوق قسوته،
إنك تكون تايه،
ومش عارف تكون!
إنك تكون رافض،
وخدعاك الظنون!
وتلاقي نفسك زي موج،
غرقان في موج،
ويضيع شعور العاشقين،
ويضيع معاه حلم السنين،
وتلاقي نفسك،
والخطاوي الكدابين،
بين كلمتين:
الحب فين؟
معقولة ضاع الحب من طول الأنين؟
كل الحقايق شوفتها،
وعيوني كانت مخدوعين،
غمضت عن كل العيوب،
وداريت وسلمت الإيدين،
ولقتني ببعد نفسي عن نفسي وبخاف ،
إني أواجه روحي بسؤالي اللعين،
الحب فين؟
إحساس غريب،
لما تحس بغربتك،
ويا الحبيب،
لما القريب من دنيتك،
يصبح غريب!
واما البعيد عن سكتك،
يصبح قريب،
وتعيش كأنك طيف غريب!
إحساس غريب!
ندمان أوي
اخترت ولا أقول قدر؟
أكبر خطر؛
إنك تسلم للخطاوي:
سكتك!
إنك تعيش مكتوف إيديك!
تسمع وتسكت،
والسكوت بيموتك،
أكبر خطر:
إنك تعيش وتقول قدر،
وما بين كلام،
ونصيب،
تفوت،
كل الأماني،
زي صوت نبض المطر،
برتابة التكرار،
وخوف ساكن عينيك،
تتمد إيد،
وتخاف تمدلها إيديك،
ليكون خطر!
وتعيش ما بين كلمة نصيب،
تختار غلط،
وتقول قدر،
لأ مش قدر،
ده الظلم لما يكتفك،
وتلاقي نفسك ماشي معصوب العينين،
هربان من الضلمة اللي جواك،
بس فين؟
مافضلش غير السكتين؛
اما تكمل أو تعود بوداع حزين،
ولرفضك الدايم تعود،
لازم تكمل سكتك،
لازم تموت!
ويفيد بإيه بس الحذر؟
ما انا لعبة في إيدين القدر!
لساك فاكر
(كثيرا ما يتذكر الإنسان أياما مضت، ويستشعر طعم الذكريات، فيجد نفسه ذاهبا دون وعي إلى مكانه الأول الذي شهد مولد ذكرياته، فلا يجد إلا أطلالا ووجوها ربما عرف ملامحها، وصديقا هاربا من مواجهة الماضي وآلامه، إنه العذاب الجميل!)
كيفك واد عمي؟
عال يا ابو خال،
متوحش صوتك والموال!
فاكر لمتنا وسهرتنا،
والجعدة حدا احمد عبد العال؟
فاكر واد عمك سماعين،
وعشية وصوت الطواحين،
والساقية وجرار الطين،
من ميته قعدنا وحكينا؟
من ياجي شتوية ولا تنين،
جدك نوار كيفه؟ مش زين؟
لساك فاكر؟
راح من سنتين!
ما يعزش ع الخالق واد أبوي!
لساك بالبندر حدا سماعين،
اتحل رباطي معاه ومشيت،
وغرقت بغربتي،
رحت وجيت،
وعاودت حدانا،
فتحت الدار،
وقعدت أدندن بالمزمار،
واتفكر لمة جدتنا،
واللبنة وبتاوة بيتنا،
شقاوتنا ولعبنا واحنا صغار.
قلابة الدنيا،
بحال يا ابو خال،
الواحد يعمل ما بدا له،
بحرنا،
وسافرنا،
وجينا،
واهو من تاني؛
هنا اتلمينا.
كله من الاول مكتوب،
الغلبان دايما
مغلوب!
دنيا وماشية؛
بالمقلوب،
نار الصبر على الأحباب،
فرن الدار وحشته جدتنا،
والجيراطين عدموا الأصحاب!
ريته العمر يعاود بينا،
والله ما كنت ركبت جطار،
والله لكنت بجيت في الدار،
أرعى وأزرع في الجيراطين،
وأنام حدا جدك نوار،
ما هي لجمات زي اللجمات،
أقل ما فيها كنا هنبقى،
رجالة وسط اللمات!
ماسمعناش لكلام جدتنا:
يا وليدي خد دعا والديك،
إوعاك يوم تاخدك رجليك،
وتقول بكرة أرجع وأعود،
ربك بردك هنا موجود!
والله صدقت يا ست الدار!
وانا ناقص بس يا واد عمي،
أنا جيت اشيل من قلبي الهم،
قسمة وعاد بين ليل ونهار،
وخطاوي مكتوبة،
ومندار!
زي القنديل المنداس،
روحنا وجينا ما بين الناس!
يا ما وشوش شوفناها غريبة،
ووشوش ما بتعرفها العيبة،
ما لي وطافح قلبي مرار،
لا هترجع تاني الأيام،
ولا عمر زمانا هيندار!
ونيس الصدى
أعيش عمري كله،
بصبر في قلبي،
وأتمنى ترضي،
مابلقاش رضا •••
وبحلم ببكرة،
وبستنى بكرة،
يطول انتظاري،
أزيد الندا، •••
أنادي واعلي،
ويرتد صوتي،
وألقى خيالي،
ونيس الصدى! •••
ويا دنيا ضدي،
تعالي وردي،
على قسوتك،
أنا متعودة.
افتكرتك
كنت ماشي،
والخطاوي مسلمة،
وسط زحمة،
وذكريات مستسلمة،
غلبتني لحظة ضعف،
وسحبني الحنين،
لزمان،
وللذكرى،
اللي لسه معلمة،
وسمعت ياما كلام بصوت الهمهمة،
ورجعت لايام عشتها،
فجأة بقيت مشتاق لها!
شوفت في ملامحك صورة،
كنت بحبها،
صوتك وصبرك،
والحنان اللي في عينيك؛
شدوني للماضي البعيد!
ولاقتني فجأة؛
بكلمك،
وبمد إيدي،
أحضن الماضي في إيديك،
شايفاك ومش شايفاك،
وبهرب من عينيك،
لحظات جميلة،
زي عمر ماعشتهوش،
سرقتني ذكرى،
سرقتها،
وحضنت ليلي،
وليلي عمري ما حبتوش،
بس النهارده،
مش بخاف من ضلمته،
عايز أكمل باقي عمري في سكته،
بس الحقيقة إن عمري:
أوام كبر،
وسنيني عدت بي،
رفضت تنتظر،
نفس الملامح،
بس مش نفس السنين،
شايف حبيبي،
اللي كان عشرين سنة،
عديت بعمري،
زدت عشرة على السنين،
آه م الأماني لما تبقى كدابين!
لازم أصحي الوهم من جوايا،
وارجع من سكات،
الحلم مات والعمر،
عدى معاه وفات،
كل اللي كان لحظة جميلة،
رجعت عندي الحنين،
واتبدلت ورجعت بالخوف السجين،
لليل ولون الليل،
وضلمة سكته!
ولصدفة صحت قلبي،
والخوف موته!
قطر السفر
(حوار بين اثنين من الأمهات تتبادلان فيه أخبار بعض أقاربهم وأبنائهم ممن غابوا عنهم بالرحيل، وأخذتهم الحياة بأحداثها، ثم عاد منهم من عاد، ولم يكن معهم إلا ذكريات الماضي البعيد.) إنه قطار الحياة!
أول ع منول،
واد جمال عبد الرحيم،
سافر لجوص،
على وين يروح من بعدها؟
على بحري ويا خليل،
هيشتغلوا سوا،
يصطادوا يوم،
ويبيعوا يوم،
والجرشينات،
راح يبعتوها،
لست ابوها،
في حيها،
مرات سألني الولد بالمكتوب:
كيف حال أبوي والأرض والعنزات؟
وحشتني ريحة الأرض،
والتبن والزرعات،
لساني يا أماي،
عم بفكر في اللي فات،
شمس الشتا،
ريحة العصيدة والكانون،
جعدتنا تحت التوتة،
والحدوتة:
كان يا ما كان،
والجد جاعد،
ضحكته مالية المكان،
كان نفسي أجوله:
الغربة مرة يا ولدي،
وركبني البكا،
وخفيت دموعي،
بطرف كمي،
ولا اشتكيت،
يسألني مالك؟
أجول مليحة وزين،
والجلب والله يا ولدي،
شال الطين!
رامح بخوفه وراك هناك،
لساني سامعة،
حمحمة جطر السفر،
والزحمة وسلامنا الحزين،
ومجاطف الناس مليانين،
بحمولة مرة أو بزين،
واهو كله راح بحر البلد،
وما باجي غير لون السفير،
بتاوة ناشفة وحلتين والزير،
والنخلة وسط الدار،
وفخارة وحصير!
النعجة ماتت،
يوم رحيلك م البلد!
الخوف ركبني وجلت:
والله الفال ما زين،
ودعيت هناك،
ناحية مجام؛
الشيخ حسين،
ومليت هناك الجلتين،
يمكن تروح الخلعة،
عن جلبي الحزين،
كرهانة صوت البسة،
أو نبح الكلاب،
اثنين نحيبهم والله شين!
زمجانة حتى م السواجي الديرانين،
والناي بيبكي،
والشادوف مليان أنين!
وانا عم بدور ع اللي كان،
شيفاك وكانك بالمكان،
بالعمة والجفطان،
وجلابية أبوك،
وعصاية الجد،
اللي راح.
أيوب صبر،
والصبر زين،
وانا إيش اكون،
راجع يا ولدي،
وحد الله،
وجول آمين.
محروم
أنا كنت ماشي،
وفكري كان سرحان في حال،
وسمعت صوت لعب وعيال،
بصيت على ايديا الشمال،
مالقيتش غير سور مدرسة،
شبابيك ولعب وكورة،
ناس مترصصة،
ويادوب هعدي من اليمين،
لفت انتباهي
واد يادوب حسبة سنين،
رجعني لزمان من سنين،
وكأني شايف صورتي أنا،
شنطة قماش من صنع إيد،
نضارة إيدها من حديد،
والجزمة من لون التراب،
وفي عينه نظرة عارفها،
من زمن العذاب،
ورجعت بالحاضر لماضي ماحبتوش،
ولظلم عيشته ومانسيتوش،
وكأن كل سنيني أدام عيني بتعدي بمرار،
وخدتني لحظات انتظار من بعدها،
عديت لشارع ماعرفوش،
هربان وبس،
بهرب بنفسي كأني مش عايز أحس،
وغلبني دمعي لقيتني راجع أحضنه،
يمكن بحضني أو كلامي أطمنه!
وسألت نفسي ليه مشيت؟
على نفسي ولا عليه بكيت؟
ورسمت بالكدب ابتسامة على الخدود،
ولقتني فجأة كأني مربوط بالخيوط!
رجليا مش شيلاني صوت بيهزني،
وخيال حزين عمال يشيل ويحطني!
غمضت ونسيت،
أو نويت انسى اللي فات،
اسمي وعنواني خلاص بقوا ذكريات!
وسافرت واتغربت توهت مع الوشوش،
والماضي لسه جوا مني مابنساهوش،
وكأنه ضلي في الطريق،
صاحب ولا الأخ الشقيق!
على فين أروح من سكتي؟
آدي الله وآدي قسمتي!
المزاد
أهي دي الحياة؛
على قد ما هتديك هتاخد!
ده مزاد!
ودفعت طول عمري اللي فات.
ودفعت ...
لسه ما قلت هات!
هات راحة من غير أي خوف!
هات ضحكة فوق كل الظروف!
هات الحياة وخد مرها؛
أنا نفسي أدوق أوي حلوها!
وفضلت أدي وما التقيت:
ولا حتى كلمة حنينة!
دا يا ناس ما يرضيش ربنا!
إشمعنى انا؟
ليه حقي دايما ما القهوش؟
ليه القسوة على كل الوشوش؟
وكأني أنا كنت الغريب!
ولا ليا صاحب أو حبيب،
مخلوق كده، عايش كده!
والناس أهي متعودة؛
إني هقول حاضر وبس!
وكأني مش إنسان يحس!
حاضر وبس!
وأبص على نفسي بمرايا مكسرة،
وأشوفني أجزاء أو حتت متبعترة!
وأسأل لنفسي وارد على نفسي السؤال:
أنا إمتى أعيش وأعوض العمر اللي فات؟
أنا إمتى هتمرد وأرفض للسكات؟
ما القاش جواب!
وكأني كلمة صغيرة،
جوا كتاب،
يقراها ناس،
ينساها ناس،
وأعيش كده؛
بين ناس وناس،
متبعترة!
كلمة بسيطة صغيرة!
بين دمعتين
أنا زي طيف؛
الكل يمشي عليا،
يضرب بالكفوف!
وما أقولش آه ...
ويا طول أساه!
مين كان، انا؟
طيف زي أنا؟
عايش كده!
أيام تعدي عليا،
ياما ... أقول رضا!
صابر أوي،
والصبر مر ،
أحلامي كوابيس،
والحقيقة كمان أمر!
عنواني «ص.ب» زادو «ر»!
بين دمعتين،
ودعاء،
وصبر،
عنواني سهل.
بخسر كتير
وبقيت خلاص متعودة،
أخسر كده،
ياما اشتكيت!
ولا يوم بكيت،
ورعيت لخاطر ده وده.
وان فين ومين يرضى بكده؟
أعذر واقول مش قصدهم.
واترجى قلبي يحبهم!
وانسى القسية أوام واعيش،
وبرغم ذلك مبلاقيش
أي اهتمام،
خلص الكلام،
الدور على الناس كلها،
أما أنا ...
دوري انتهى!
ونصيبي خدته خلاص
عذاب!
ودفعت من عمري الحساب!
ودعيت على الناس كلها
تشرب عذابي وحرقتي،
وتدوق لناري وكويتي،
ويجربوا حزني أنا،
شوف كام سنة!
ولا حد حاسس بالمرار،
ولا حد يسمع إعتذار،
غير نفسي أنا!
على حالي باكي،
ولا باكي على السنين؟
أنا مين يا دنيا؟
وليه بخلتي بالحنين؟
وازاي هعيش؛
وانا إما ساكت أو حزين؟
ومافيش قصادي الا ضلي بالمكان،
وبكلمه!
مع ان ده عين الجنان!
لكن لغيره ما بلاقيش؛
أصحاب مافيش،
خلص العتاب،
والقلب مليان بالعذاب!
أعذر،
ومين يعذرني أنا؟
والظلم يعزف بالغنا!
كل اللي فات،
آه م السكات والدندنة،
أنا مين أنا؟
وحشاني يا امه
بين إيديكي،
تضيع همومي،
وأنسى زعلي،
يدوب في كلمة،
صوت دعاكي،
رضاكي عني،
بيهم امشي،
في أي ضلمة! •••
أمي وحشاني وقلبي،
كل يوم يبعت سلام،
يبعته مع كل نجمة،
توصله من غير كلام! •••
كل المواقف،
اللي عدت بي،
فيا علمت!
وشريط حياتي بكرره،
والذكريات اتكلمت،
وعرفت ليه كان العقاب،
خلاص يا أمي،
أنا فهمت! •••
إن حتى قسوتك؛
كانت حماية!
وان كلمة لأ،
كانت مش لغاية،
بفتكر كل الحاجات!
فاكر عقابك لي
لما في يوم غلطت،
وبيكت ساعتها،
بس منه خلاص فهمت؛
إن من غيرك يا أمي،
العيشة غلب.
النفاق
عشان ما نكمل الصورة؛
كتير بنقرب المسافات،
نغالط نفسنا بحكايات،
ونكدب حتى على روحنا،
ونتفرج على الحلقات!
وشوش بالضحك تخدعنا،
بقال الله بتقنعنا،
ونسمع رأيهم بسكات!
وبين الدمع والبسمة،
يحاربونا بكل ثبات!
ونحتار هم دول مع مين؟
معانا ولا مش عايزين؟
وبين قالوا وقلنا وقال،
بنسمع كل يوم موال!
وعشنا الكدب حدوتة،
بصقفة إيد وزغروطة،
يضيع الحق واصحابه،
وتبقى حكاية ملتوتة،
وليه الكدب بيسوقنا؟
وليه للوهم صدقنا؟
بتعجبنا أوي الشعارات،
عشان بترن جوانا،
وتملا قلوبنا بالدقات،
بننسى شوية أحزانا،
ترجعنا كما الأموات!
نهز الروس نقول حاضر،
وليه هنعادي ونخاطر؛
ما دام الكل ماشي شمال؟
هنسمع تاني للموال،
وآه من تاني هنقولها،
نهز الروس ونعدلها؛
كما الأموات!
سكات بسكات!
وأدينا عايشين،
وأشكى لمين؟
ما كله حزين!
ريشة
أول مرة أحس بضيق،
واندم إني شكيت للناس،
واحبس دمعي ألاقي الدمع؛
رافض يسكت تاني خلاص!
فاض من عيني عذاب الصبر؛
مرة الوحدة وقاسية الناس!
لاموا عليا لأني بكيت،
من ضرب الأيام ع الراس!
آدي سمايا أهي والأرض،
على فين اروح من ظلم الناس؟
ريشة وطايرة ياخدها الريح،
تعلى وتنزل كده تنداس!
ولاحدش شايف؛ ما هي ريشة.
أهو ده وزني ما بين الناس!
ظل السراب
نحلم ببكرة وأتاري بكرة بعيد!
والزفة والزغروطة بالمواعيد،
نستنا تاني الدور وما في جديد،
غير بس كلمة يمسها التهديد! •••
ونخاف وتاني للمكان راجعين،
وخدانا لهيانا الحياة وخايفين!
والعيشة مرة وادينا اهو ماشيين،
ولا حد عارف احنا فين رايحين! •••
الساقية بتدور والبشر منداس،
والهم بيقطع قلوب الناس،
عايشين نعالج كسرة الإحساس؛
واهو ياما دقت الطبول ع الراس!
مش أنا
إتبدلت حتى الملامح والوشوش،
ولاقتني تايه وسط عالم ماعرفوش،
الاسم هو بس صاحبه مش أنا،
بيانات بتحلف ان عمري مية سنة.
لأ كدابين!
أنا بس عمري يادوب يومين؛
يوم جيت،
ويوم غمضت،
قمت،
صحيت،
لقيتني بعيش في حدوتة،
وأحداث وحشة ملتوتة!
وفجأة العمر عدى وفات،
وعدت بي كده مسافات،
ماحستهاش،
وبيقولوا عاش!
ورحمة عمري ياخونا،
دي أرقام زايفة مضروبة،
وأعمار بس مكتوبة،
وكدب في كدب!
ما بين العصر والمغرب،
يعدي الصعب،
وآه يا سنين بتخدعنا!
تحسسنا بأوجاعنا،
ونتفرج على الماضي،
كأنه قلم بيصفعنا!
ونتغرب،
ونتدارى بأوجاعنا،
ونرجع تاني مرجوعنا،
وتتبدل سنين بسنين،
ونمسح دمعنا المسكين،
ويحكوا،
يقولوا كان يا ما كان،
ومين قالوا؟
وفين كانوا؟
بقينا جزء من رحلة،
بدت بزمان ،
وراح يحكيها ناس،
في زمان!
من غير سبب؟
ساكت بخوفي،
وخوفي صابر،
من سنين،
ويمر عمري،
كأنه ضيف،
تايه حزين!
مابقتش قادر حتى أقول
كلمة «تعبت»!
وانا إما شارد،
أو مسلم بالإيدين!
وكأن حلمي وذكرياته،
استشهدوا!
ويضيع معايا العمر،
في الزمن الحزين! •••
مع كل يوم أرقام تزيد،
بتاريخ ورق،
وبموت وبصحى،
ويتحرق فيا القلق،
والكل شايف،
إني مستحمل كتير،
ما أنا أصلي فارس،
بس مصنوع من ورق!
واقف بحارب وحدي،
أطياف من خيال،
زي الغريق،
ما املكش غير طوق الغرق!
وسهامي تاهت،
وسط أهداف مش كتير،
مابقتش شايف،
غير كتابي اللي اتحرق،
وغلافي ضاع عنوانه،
ما بقاش غير سطور!
كل اللي يقرا سطوري،
يبكي على الملأ،
ما أنا أصلي مصلوب ويا أحلام السنين!
وشهيد أنا، والرب يرحم من خلق!
ناس، وناس
كان نفسي أقول:
ياه يا زمان!
لكن زماني ماسبش ذكرى،
اشتاق لها!
أو حتى كلمة أحبها؛
ما سابش غير طعم في حياتي،
ما بنسهوش؛
حرمان وظلم وذكريات متوزعة،
ووشوش يا دوب ملامحها مرسومة وخلاص،
وسنين كتير مش برضى حتى أعدها!
أهو عيشة زي العيشة،
وايام زيها،
أيام بتشبه بعضها،
الضحكة خايفة لتترسم،
الحزن ينسى يودها،
والدنيا دايما ناس وناس؛
ناس فوق وناس تحت المداس،
ويقولوا واخد قال نصيب!
فتشني طلع م الجيوب!
خارج بهدمة،
زي ما دخلت وتمام،
أبيض وخالي غلا من كومة آلام،
ويقولوا دا كان التمن،
طيب مين دفع غيري الثمن؟
دا أنا يا ما شوفت عذاب وغيري ما جربوش؛
حرمان ووحدة ومر ظلم ما بنسهوش!
طيب ليه حساب الدنيا لازم أدفعه؟
والكل عايش في البلاش،
إلا أنا،
الفرح دايما ليه تمن،
والحلم لازم ليه تمن،
طب عمرى ليه من غير تمن؟
حرماني ليه من غير تمن؟
ويقولوا دا أصله ابتلاء!
وخلاص مافيش غيري ابتلى؟
الدنيا فضيت إلا مني المبتلى!
شر البلية عشته انا
اضحك يا قلبي من الهنا!
اضحك وقول عني النكت،
كان مرة واحد قال ضحك،
حسدوه ومات!
شوف النكد؟
هي كده؟
كحك اليتيم عجبة في إيديه!
والكل يسأل ليه وليه؟
ما الناس عليه متعودة؛
ماتشوفش غير فاضية إيديه!
Page inconnue