384

Hamayan Zad vers la demeure de l'au-delà

هميان الزاد إلى دار المعاد

Régions
Algérie

وقيل التنابز بالألقاب والتساب، والتحقيق عموم المعاصى لعموم اللفظ وتخصيص بعضها تحكم، وقال ابن عمر الفسوق هو ما نهى عنه المحرم فى حال الإحرام من قتل الصيد، وتقليم الأظفار، وإلقاء النفث ونحو ذلك، وعنه صلى الله عليه وسلم

" من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه "

رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة، وسميت المعاصى وما ذكر فسقا، لأنها خروج عن حدود الشرع وهى لغة الخروج. { ولا جدال } لا خصام مع الخدم والرفقة والمكارين وغيرهم. { فى الحج } قال ابن عباس وغيره الجدال أن تمارئ مسلما، وقال ابن زيد ومالك الجدال أن يختلف الناس أيهم صادف موقف إبراهيم عليه الصلاة والسلام، كما يفعلون فى الجاهلية، وقيل إن الجدال هنا مخالفة قريش سائر العرب، فتقف بالمشعر الحرام، فنفى جواب ذلك فليقفوا كسائر العرب بعرفة، وكان بعض العرب يحج فى ذى القعدة، وبعض فى ذى الحجة وكانت قريش تقول الصواب مع وقوفنا بالمشعر الحرام، وغيرهم يقول الصواب مع وقوفنا بعرفة، ومن يحج فى ذى الحجة يقول الصواب معى، ومن يحج فى ذى القعدة يقول الصواب معى، فنزلت الآية تخبر أنه لا جدال فى الحج، وأن الأمر قد استقر على ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، من الوقوف بعرفة تاسع ذى الحجة، وما قاله صلى الله عليه وسلم من

" أن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض "

وعن ابن عباس رضى الله عنهما الجدال فى الحج أن يمارئ الرجل صاحبه ويخاصمه حتى يغضبه، وقيل هو قولهم كيف نجعل حجتنا عمرة وقد سمينا الحج، حين قال لهم النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع، وقد أحرموا بالحج

" اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدى "

وقيل الجدال أن يقول الرجل الحج اليوم ويقول، الآخر الحج غدا، أو يقول يوم كذا ويقول الآخر الحج فى غيره، وقيل المعنى لا شك فى الحج أنه فى ذى الحجة فأبطل النسئ والله أعلم. وفى الحج خبر للأولى والثانية والثالثة انفردت كل باسم، واشتركن فى الخبر بناءا على جواز عمل عاملين وأكثر فى معمول واحد، إذا اتفق معنى العوامل وعملهن، وإن شئت فقدر لكل واحدة من الأولين خبرا دل عليه خبر الثالثة أو هو خبر للأولى، ويقدر للثالثة والثانية أولا الثانية والثالثة صلتان للتأكيد، ومدخولهما معطوف على مدخول الأولى والخبر للأولى، وقرأ ابن كثير وأبو عمر ولا رفث ولا فسوق والتنوين قيل حملا على معنى النهى أى لا يكونن رفث ولا فسوق، وقرأ ولا جدال بالفتح إخبار، لا خلاف ولا شك فى الحج أنه فى عرفة فى ذى الحجة، وقرئ برفع الثلاثة منونة على معنى النهى، والمرفوع مبتدأ، أو إسم لا عاملة كليس، وعملها كليس ضعيف ولا سيما إن قلنا خبرها هو قوله { فى الحج } ، والآية تحتمل عندى أوجها الأول أن يكون لفظها إخبارا ومعناها نهيا، أى فلا يرفث ولا يفسق ولا يجادل فى الحج، ونكتة المجئ بها فى صورة الإخبار الإشارة إلى أن تلك الثلاثة بالغة فى القبح مبلغا عظيما، حتى إنها لا يرتكبها عاقل، وكأنهم زجروا عنها فازدجروا، فهو يخبر بانتفائها للانتهائهم عنها، كما تبالغ فى الطلب، فتجئ به بصورة الإخبار، كأنه مجاب، فصرت تحبر بوقوعه، تقول رحمك الله ورضى عنك، والوجه الثانى أن يكون اللفظ إخبارا بعضا ومعنى بالنظر إلى التكليف بترك الثلاثة، أى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج المشروع، وإن وقع ذلك فى حج فليس بالحج المأمور به، المشروع ولا ثواب فيه، فإن المشروع المأمور به مجرد عن ذلك الوجه الثالث كون الأولين بمعنى النهى كالوجه الأول، والثالث إخبار بارتفاع مخالفة بعض العرب فى وقت الحج وهو ضعيف. وهذه الأوجه كلها محتملة على القراءات كلها إذ لا فرق، غير أن لا العاملة عمل إن نص فى نفى الجنس، والمهملة والعاملة عمل ليس تحتمل نفى الواحدة، وتحتمل نفى الجنس، والمتبادر نفى الجنس لوقوع النكرة فى سياق السلب. ثم إن الأولى فى قوله { ولا جدال } نفى الجدال مطلقا فى مخالفة بعض العرب، وفى أمور المناسك، وفى الأمور الشرعية، وفى كل أمر ولا حاجة إلى حصره فى ما استقرت قواعد الحج الآن على خلافه من مخالفة بعض العرب، ويناسب الوجه الأول قوله صلى الله عليه وسلم

" الصوم جنة فإذا كان صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن شاتمه أحد أو قاتله فليقل إنى أمرؤ صائم "

ولكن مجرد مناسبته. وقد جرد ابن العربى الأندلسى المالكى تلميذ الغزالى فى المسجد الحرام على الأول فى كتاب له سماه " أحكام القرآن " إذ قال قوله تعالى { فلا رفث ولا فسوق } ، أراد نفيه مشروعا لا موجودا فإنا نجد الرفث فيه ونشاهده، وخبر الله سبحانه وتعالى لا يقع بخلاف مخبره. انتهى. لكن فى عبارته اختصارا، أراد فلا رفث ولا فسوق ولا جدال، وأراد نجد الرفث والفسوق والجدال ونشاهدها، ويحتمل الوجه الثالث، لكن لم أقتصر على قوله نجد الرفث، ولم يذكر الفسوق، وكذا حمل القفال - وهو من الشافعية - الآية على النهى إذ قال ويدخل فى هذا النهى ما وقع من بعضهم من مجادلة النبى صلى الله عليه وسلم حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة، فشق ذلك عليهم وقالوا أنروح إلى منى ومذاكيرنا تقطر منيا، وإن قلت الفسق والجدال غير الجائز محرمان فى الحج وغيره، وكذا الرفث غير الجائز، قلت نعم لكن ما قبح فى غير الحج كان فى الحج أقبح، لأنه عبادة مختصة خارجة عن العادة، ومقتضى الطبع، ألا ترى منع تغطية الرأس ولبس المخيط والطيب ونحو ذلك، ولأنه كالذهاب للآخرة، وكشأن مواقف الآخرة ذلك كلبس الرجل الحرير فى غير الحرب، وفى غير ضرورة فإنه قبيح، ولبسه فى الصلاة أو فى الحج قبح، وكمد الصوت فى القراءة واللفظ لزيادة التحسين حتى تخرج الحروف عن هيئتها، فإنه قبيح ولا سيما بالقرآن ولا سيما فى الصلاة. { وما تفعلوا من خير } كالصدقة وسائر العبادات الواجبة وغير الواجبة. { يعلمه الله } فيجازيكم عليه، فحذف الفاء ومعطوفها، أو كنى بالعلم عن المجازات، لأنه سببها وملوزمها، وذلك حث فعل الخير عقب الزجر عن الشر ليفعلوا الخير مكان الشر عموما، ويحسنوا الكلام بدل الرفث، ويبروا مكان الفسق ويوافقوا على الصواب، ويتخلقوا بالصواب عوض الجدال، ويجوز أن يراد بفعل الخير ترك الرفث والفسوق والجدال، أو ترك ذلك، والوفاء بمناسك الحج، والتعميم أولى، روى أسامة بن زيد عن النبى صلى الله عليه وسلم

" من صنع إليه معروفا فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ فى الثناء "

Page inconnue