Hamayan Zad vers la demeure de l'au-delà
هميان الزاد إلى دار المعاد
Genres
واختار موسى قومه
وإلا فالأصل أن يتعدى باللام أو إلى، كما أن أصل اختار أن يتعدى إلى القوم فى الآية بمن على أحد أوجه فى الآية، وقال السعد قد يفرق بأن - هدى - المتعدى بنفسه بمعنى الإيصال، ولهذا يسند إلى الله تعالى خاصة، والمتعدى بإلى أو باللام بمعنى الدلالة، والصراط لغة قريش وهو الثابت فى الإمام، وهو الطريق يذكر ويؤنث، وجمعه صرط - بضم الصاد والراء - وأصله السراط بالسين من سرط الطعام إذا ابتلعه، كأنه يبلع من يمر به أو يبلعه من يمر به، كما سمى لقما - بفتح اللام والقاف - لأنه كأنه يلتقمهم أو يلتقم المار، وإنما قلبت السين صادا لتطابق الطاء فى الإطباق والاستعلاء، وقد يشم الصاد صوت الزاى ليكون أقرب إلى المبدل عنه، وقرأ ابن كثير قيل ويعقوب بالسين، وحمزة بإشمام الصاد السين، ذكر أبو عمرو الدانى أن خلفا يقرأ الصراط وصراط باشمام الصاد الزاى حيث وقعا، وخلاد بإشمامها الزاى فى قوله { الصراط المستقيم } هنا خاصة، وقيل بالسين حيث وقعا، وقرأ بالزاى حيث وقعا، وقرأ الحسن اهدنا صراطا مستقيما، وقيل الطريق هو ما يطرقه طارق مطلقا، ولو لم يكن طريقا قبل، والسبيل ما يطرقه وهو معتاد السلوك، والصراط كالسبيل إلا أنه مستقيم غالبا، فهو أخص الثلاثة، والسبيل أخص من الطريق، وعلى كل حال فالمراد طريق الحق، وقيل ملة الإسلام وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد الله، وقيل القرآن هو قول على روى عنه - صلى الله عليه وسلم - الصراط المستقيم القرآن، ومعنى هدايته تسهيله للحفظ والعمل به، وقيل ما هو عليه جماعة الصحابة من السنة والوحى، وقيل طريق المستحقين للجنة. وعن ابن مسعود وابن عمر ترك النبى - صلى الله عليه وسلم - طرف الصراط عندنا وطرفه فى الجنة، ومرجع هذه الأقوال كلها واحد، وقال أبو العالية الصراط المستقيم محمد - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر، ويقدر مضاف، أى اهدنا اتباعهم، وفيه تكلف بعيد وتجوز بتسمية أشخاصهم طريقا، ووجهه أنهم واسطة إلى الجنة لمن اقتدى بهم ممن أنعم الله عليه، وعلى هذا الأخير يكون الخطاب لغيره - صلى الله عليه وسلم - وغير أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، قيل وهو قوى فى المعنى، والمستقيم المستوى الذى لا عوج به ولا زيغ، وذلك صفة دين الله تعالى، وجملة { اهدنا الصراط المستقيم } بيان للمعونة المطلوبة، فكأنه قال كيف أعينكم فقالوا اهدنا الصراط المستقيم وإفراد لما هو المقصود الأعظم فى الاستعانة، فهى من ذكر الخاص بعد العام لتعظيم ذلك الخاص، وأفضل ما يهدى إليه الإنسان معرفة الله - عز وجل - قال الله عز وجل
" يا داود اعرفنى واعرف نفسك، ففكر عليه السلام ساعة فقال إلهى عرفتك بالفردانية والقدرة والبقاء، وعرفت نفسى بالضعف والعجز والفناء، فقال له تعالى الآن عرفتنى حق المعرفة "
ولذلك قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
" من عرف نفسه عرف ربه "
على معنى أن صفات نفسك على الضد من صفات ربك، فمن عرف نفسه بالعبودية عرف ربه بالربوبية، ومن عرفها بالفناء عرفه بالبقاء، ومن عرفها بالجفاء عرفه بالوفاء، ومن عرفها بالعجز عرفه بالعز، ومن عرفها بالخطأ عرفه بالعطاء، وسئل أبو بكر الصديق رضى الله عنه، بماذا عرفت ربك؟ فقال عرفت ربى بربى فلولا ربى ما عرفت ربى. فقثيل له فهل يتألى لأحد إدراكه؟ فقال له العجز عن إدراكه إدراك، والخوض فى ذات الله سبحانه إشراك. { صراط الذين أنعمت عليهم } صراط بدل من الصراط بدل مطابق، ولا يخلو البدل من تأكيد، لأن المبدل منه كالتمهيد للبدل، ولأن البدل على نية تكرار العامل، على المشهور، والتمهيد للشئ، زيادة اعتناء به، والتكرير توكيد، والبدل هو المقصود بالنسبة، وفائدته هنا توكيد كون المطلوب بالهداية زيادة إليه هو صراط الذين أنعم الله عليهم، والتنصيص بأن الصراط المستقيم هو صراط المسلمين، الذين أنعم الله الرحمن الرحيم عليهم مطلقا، وبه قال ابن عباس والجمهور، وانتزعوا ذلك من قوله تعالى
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم
إلى قوله
رفيقا
روى ابن جرير عن ابن عباس أن المراد بالذين أنعمت عليهم الأنبياء والملائكة والصديقون والشهداء، ومن أطاعه وعبده، وعن ابن عباس أيضا هم قوم موسى وعيسى الذين سبقوا لم يبدلوا ولم يغيروا، وقيل هم أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - وأهل بيته، وهو قول غير صحيح أو غير جائز، لأنه يؤدى إلى أن الخطاب موجه إلى من عداهم فقط من أهل زمانهم ومن بعدهم، وقرئ صراط لذين بلام واحد مخففة بلا همز قبلها، وهو لغة فى الذين، وقرأ ابن مسعود صراط من أنعمت عليهم، والإنعام إيصال النعمة، وهى فى الأصل الحالة التى يستلذها الإنسان، فأطلقت على الذين لأنه أحق بالاستلذاذ، ولأن الموفق يستلذه، وقد يستلذه الإنسان مطلقا، والمعنى صراط من رضيت عنه وغفرت ذنوبه وقبلت أعماله وأنزلته فى أعلى عليين مع الملائكة المقربين أبد الآبدين، وتزكية النفس عن الرذائل وتحليتها بالأخلاق السنية، وهذه النعم المختصة بالمؤمن ويشاركه الكافر فيما عداها، وهى إن كانت لا تحصى لكن تنحصر فى جنسين دنيوية وأخروية، والدنيوية كسبية وغير كسبية، وغير الكسبية إما روحانية كالروح والعقل والفهم والفكر والنطق، وإما جسمانية كالبدن والقوى الحالة فيه، والهيئات العارضة له كالصحة وكمال الأعضاء.
Page inconnue