كانت الأبواب رقيقة للغاية، لدرجة أن الطرق عليها بدا نوعا من العنف. قالت: «مرحبا.»
أتاها صوت شديد الخفوت من الداخل، ثم انفتح الباب. وقف كهل ياباني هناك، وكان يرتدي رداء وبنطالا فضفاضين من القطن الداكن. كان طوله يبلغ خمس أقدام ونصف القدم تقريبا، وكان شعره الأسود تتخلله شعيرات رمادية.
قالت ديانا: «توشي.» انحنى انحناءة خفيضة، فقالت: «آه يا رجل، من الطيب رؤيتك.» ثم تقدمت نحوه، وتعانقا عناقا طويلا شغوفا؛ ليس نابعا من رغبة جنسية وإنما من إحساس إشباع طاغ؛ إذ أمكنها الشعور بجلد توشي وعضلاته وعظامه، وأدركت على مستوى لا واع أن كليهما لا يزال موجودا.
قال توشي: «ديانا، أنا سعيد لرؤيتك مجددا.» «آه، وأنا أيضا.» كانت تستطيع الشعور بالدموع تحتشد في عينيها، فمسحت عينيها وقالت: «اعذرني يا توشي، لقد مر وقت طويل.» «نعم، هذا صحيح.»
قادها توشي من الباب ومرا من بوابة عند نهاية حديقة الرمال المسواة الصغيرة. كان انحناء بدن هالو يرتفع إلى الأعلى، وكانت حصة توشي الصغيرة منه محاطة بسور مرتفع من خشب الصنوبر كان يرتفع بمحاذاة بدن المدينة المنحني لأعلى.
أمامهما مباشرة كانت توجد بحيرة. وعلى الجانب البعيد كان ثمة شلال يتدفق في جدول يمر بصخرة كبيرة ويصب في البحيرة؛ حيث كانت أسماك الشبوط ذات الجلود الذهبية الملطخة باللون الأحمر والأخضر والأزرق تسبح في المياه الصافية. كان ثمة جدول آخر تتخلله الصخور يمتد بعيدا إلى اليمين ويمر تحت جسر منحن انحناءة رشيقة. وكانت أشجار الكرز والبرقوق تثمر في ذلك الربيع الوجيز.
قال وهو يبتسم: «كل هذه الغابة هي مكافأتي على سنوات من الخدمة. لقد أخبرتهم أنني أريد العيش هنا في هالو وأن أصنع حدائقي.»
قالت: «إنها جميلة. هل أصبحت معلم زن يا توشي؟» «كلا، لم أصبح معلما، ولا حتى مرشدا؛ فأنا لست توشي روشي، بل أنا بستاني. فيلسوف ربما؛ فأي حديقة يابانية تجسد العالم الأكبر؛ لذا فإن بناء واحدة يعني التصريح بفلسفتك، لكن من دون كلمات، على طريقة الزن.» ثم أشار إلى الأشجار والشجيرات المحيطة وأضاف: «أجلس أحيانا مع الآخرين، نتأمل، ونناقش معا ما أمامنا من ألغاز ... يظن البعض أن نوعا جديدا من الزن سيظهر هنا، على مسافة ربع مليون ميل من الأرض، لكن يلومهم آخرون حين يقولون ذلك.»
قالت: «لديكم ألغازكم ولدي ألغازي. أخبرني، هل تفهم هذه الأمور التي على وشك أن تحدث لجيري ولألف ولي؟» «آه يا ديانا، هناك تفسيرات عدة. أيها ستسمعين؟» ثم توقف وأشاح بنظره بعيدا وقال: «علاوة على ذلك، من ذا الذي يريد المعرفة؟» ثم شرع في الضحك، ضحكة عميقة من القلب، ضحكة لم تسمعها منه منذ سنوات.
قالت: «لا أفهم.»
Page inconnue