Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
فلما كان يوم صلبه بعد ثلاث عشرة سنة، نظر إلي من رأس الجذع وقال: يا أحمد، نورزنا: فقلت: أيها الشيخ، هل أتحفت؟ قال: بلى، أتحفت بالكشف واليقين، وأنا مما أتحفت به خجل، غير أني تعجلت الفرح.»
ويقول أحمد بن فارس:
8 «رأيت الحلاج في سوق القطيفة قائما على باب مسجد المنصور، وهو يقول: أيها الناس، إذا استولى الحق على قلب أخلاه عن غيره، وإذا لازم أحدا أفناه عمن سواه، وإذا أحب عبدا حث عباده بالعدوان عليه حتى يتقرب العبد مقبلا عليه، فكيف لي ولم أجد من الله شمة، ولا قربا منه لمحة، وقد ظل الناس يعادونني.
ثم بكى حتى أخذ أهل السوق في البكاء.»
ويقول علي بن أنجب الساعي: «صاح الحلاج في جامع منصور: أيها الناس، اعلموا أن الله تعالى أباح لكم دمي فاقتلوني اقتلوني تؤجروا وأسترح، ليس في الدنيا للمسلمين شغل أهم من قتلي، وتكونوا أنتم مجاهدين، وأنا شهيد.»
9
ولم يهنأ الحلاج طويلا بمكانته في القصر، ولم تتحقق له الآمال الإصلاحية العريضة، التي راودته وهو يلج قصر الخليفة، لقد بدأت الدسائس والمؤامرات تحيط به وتواثبه، وتضيق حوله النطاق وتطارده!
لقد كان وجوده في قصر الخليفة، أمرا مخالفا لطبيعة الحياة، ولطبيعة المعركة التي يقودها.
فهو بإيمانه ورسالته، يختلف اختلافا جذريا عن سكان القصور، وهو بخلقه ونسكه ومبادئه، يختلف اختلافا منهجيا عن الطبقة الأرستقراطية الحاكمة.
وكان الاصطدام حتما مقضيا بين الحلاج وبين الحاشية، لقد رأى بعض الوزراء والقواد والأمراء، أن مكانتهم قد تزلزلت، ورأى المستغلون والمنتفعون والمرتشون، وأرباب النزوات والأهواء والشهوات، الذين هيمنوا على الخليفة في الماضي، أن رأس مالهم الأكبر قد طار من أيديهم.
Page inconnue