Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
وهذا الموقف العدائي من الإمام الجنيد ومدرسته، قد أرقه وأهمه، وحرق قلبه، ونرى أثر هذا الموقف في الكلمات الباكية الحزينة، التي أخذت تترى على لسان الحلاج، في مواجيده وابتهالاته.
لقد أخذت تتسلل إلى قلبه شيئا فشيئا، فكرة الاستشهاد في سبيل حبه، وفي سبيل عقيدته.
لقد آمن من قبل بأن الوجد والعذاب في الحب، هما معراجه إلى الوصول والقرب، واليوم أخذ يؤمن بأن الاستشهاد هو طريقه إلى النصر، النصر الشامخ المتلألأ لفكرته ومنهجه.
إن استشهاده في سبيلهما، لهو صورة إيمانه، وآية صدقه، وصراط قربه، وعلامة قبوله عند ربه.
بل لقد راح في نشوة روحية عالية، يتنبأ بمصرعه، ويرى مشاهد هذا المصرع، جلية مبينة.
قال إبراهيم بن فاتك:
6 «دخلت يوما على الحلاج في بيت له، على غفلة منه، فرأيته قائما على هامة رأسه، وهو يقول: يا من لازمني في خلدي قربا، وباعدني بعد القدم من الحدث غيبا، تتجلى علي حتى ظننتك الكل، وتسلب عني حتى أشهد بنفيك، فلا بعدك يبقى، ولا قربك ينفع ولا حربك يغني، ولا سلمك يؤمن!
فلما أحس بي ، قعد مستويا وقال: ادخل ولا عليك، فدخلت وجلست بين يديه، فإذا عيناه كشعلتي نار، ثم قال: يا بني، إن بعض الناس يشهدون علي بالكفر، وبعضهم يشهدون لي بالولاية! فقلت: يا شيخ، ولم ذلك؟ فقال: لأن الذين يشهدون علي بالكفر تعصبا لدينهم، ومن تعصب لدينه، أحب إلى الله ممن أحسن الظن بأحد، ثم قال لي: وكيف أنت يا إبراهيم حين تراني، وقد صلبت وقتلت وأحرقت، وذلك أسعد يوم من أيام عمري جميعه؟ ثم قال لي: لا تجلس واخرج في أمان الله.»
ويقول أحمد بن فاتك:
7 «كنا مع الحلاج، وكان يوم النيروز، فسمعنا صوت البوق، فقال الحلاج: أي شيء هذا؟ فقلت: يوم النيروز، فتأوه وقال: متى ننورز؟ فقلت: متى تعني؟ قال: يوم أصلب!
Page inconnue