Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
يقول الكلاباذي: (1) سمعت بعض مشايخنا يقول: سمعت محمد بن سعدان يقول: «خدمت أبا المغيث - الحلاج - عشرين سنة، فما رأيته أسف على شيء فاته، أو طلب شيئا فقده.»
ويقول: (2) وكان أبو المغيث لا يستند ولا ينام على جنبه، وكان يقوم الليل، وإذا غلبته عينه، قعد ووضع جبينه على ركبتيه، فيغفو غفوة، فقيل له: ارفق بنفسك! فقال: «والله ما رفق الرفيق بي رفقا فرحت به، أما سمعت سيد المرسلين يقول: أشد الناس بلاء، الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل.»
ويقول: (3) سمعت بعض أصحابنا، يقول: سمعت بعض الكبراء - الحلاج - يقول: «ربما أغفو غفوة وأنادي: أتنام عني؟ إن نمت عني، لأضربنك بالسياط.»
والصوفي المحب لله، هو الذي يقوم بكلمات الله في الأرض، مجاهدا مناضلا مضحيا بكل شيء، حتى تعلو كلمة الحق. وتمشي الإنسانية، على الصراط المستقيم.
إن المحبة هي التضحية وهي الجهاد، والصوفي المحب لله، هو من كانت كلماته صورة في عمله في الدين والدنيا.
ومن هنا لم يكن زهد البسطامي، ولا تقية الجنيد، ولا سلبية المكي، ولا تردد الشبلي، مما يرضى عنه الحلاج.
لقد ثار الحلاج في عنف، وفي قداسة، على ولاة عهده، وفساد عصره.
كما ثار في عنف وقداسة، على السلبية الزاهدة التي عاشها كبار المتصوفة من معاصريه، الذين قنعوا بعبادة الله وحبه، غير ناظرين إلى واجباتهم حيال خلقه.
لقد عاب الحلاج على أبي يزيد البسطامي زهده العنيف الذي اتخذه طريقا للوصول وقنع به، فالوسيلة هنا ليست هي الأداة الكاملة، وليست هي غاية التصوف أو سبيله.
إن الصوم والصلاة ليست طرقا موصلة إلى الله، بذاتها، كما أن الذكر لا يعتبر وسيلة تفرض النتيجة على الله سبحانه .
Page inconnue