Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
من الهند بلقب المغيث، ومن بلاد الترك بالمقيت، ومن خراسان بأبي عبد الله الزاهد، ومن حورستان بالشيخ حلاج الأسرار، وسماه أشياعه ببغداد بالمصطلم، وسموه في البصرة المحير، وذهبت الدنيا تردد أحاديثه وقواه السحرية الخارقة، أو كراماته الباهرة.
يقول صاحب «شذرات الذهب»:
17
وبلغ من شأنه أن كان يخرج الأطعمة في غير وقتها، والدراهم من الهواء ويسميها دراهم القدرة، وكان يعرف الكيمياء والطب ... ونشر الحلاج رسائله الكبرى عن السياسة، وواجبات الوزراء، مطالبا بإقامة حكومة إسلامية حقا. وزارة تحكم بالعدل بين الناس، وخلافة - كما يقول - شاعرة بمسئوليات وظيفتها أمام الله، مما يجعل الله يرضى عن قيام المسلمين بفروض دينهم.
18
ومن وراء النهر عاد الحلاج إلى مكة، يدفعه وجد صوفي، وحنين غلاب إلى الخلوة، وإلى رياضاته العنيفة القاسية، في أرض النبوة والإلهام، وليتزود في عزلته الروحية بقوة إيمانية، قوة تؤهله لمواجهة الحياة في معركة بطولية حاسمة.
هناك في بغداد عاصمة الخلافة العباسية، حيث الصراع الفكري والديني مشتعل الأوار في البيئات العلمية، وحيث الترف والشهوات والفساد يخنق المجتمع الإسلامي. هنالك كانت معركة الحلاج الكبرى التي سوف يقدم روحه قربانا لها ... وإلى بغداد يعود الحلاج! ليشعل فيها كل شيء، وليحترق في أتونها.
الحلاج في عاصمة الخلافة
وخفق قلب بغداد للنبأ العظيم! لقد جاء الحلاج إليها تسبقه عواصف مرعدة مذهلة، من الدعاوي العريضة المتناقضة، جاء إليها بعد أن طوف بالأرض، فملأ آفاقها دويا، وأسمع آذانها عجبا.
فقد ترك الحلاج في كل بقعة رن فيها خطره ما يختلف فيه الناس، وما يتخاصمون في أمره، فما رأى الناس من قبل رجلا له سمته وشخصيته وقواه وروحانيته!
Page inconnue