183

Hallaj

الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)

Genres

1 «إن الحلاج وقف في مفترق الطرق، بين عصرين من أهم عصور التصوف، كان للعصر الأول أثر في تكوين مذهبه، كما كان لمذهبه أثر في توجيه التصوف في العصر الثاني.»

ولا جدال في أن الحلاج قد وجه خطو الحياة الروحية في الإسلام، إلى معارج وآفاق لم تعرفها من قبله، وكان في طليعة هذه المعارج والآفاق، فكرة الحلاج أو نظريته عن الحقيقة المحمدية، أو النور المحمدي.

فلأول مرة في تاريخ التصوف نرى الحب الإلهي عند الحلاج يتجاوز ذات الله سبحانه، إلى أول مخلوقاته، وهو نور محمد صلوات الله وسلامه عليه.

وتنادي النظرية الحلاجية، بأن للرسول عليه السلام صورتين مختلفتين، صورته نورا قديما كان قبل أن تكون الأكوان، ومنه يستمد كل علم وعرفان. وصورته نبيا مرسلا، وكائنا محدثا، تعين وجوده في زمان ومكان محدودين.

وتجعل النظرية النور المحمدي مصدر الخلق جميعا، فمنه صدرت الموجودات، ومن نوره ظهرت أنوار النبوات، وما سائر الأنبياء إلا صور من ذلك النور الأزلي، وقد كانت الصورة الكاملة في سيدنا محمد خاتم النبيين، وأول خلق الله أجمعين.

وقد عقد الحلاج لشرح هذه النظرية فصلا في كتابه «الطواسين» أسماه: طاسين السراج، قال فيه: «طس سراج من نور الغيب بدا وعاد، وجاوز السراج وساد، قمر تجلى من بين الأقمار، برجه في فلك الأسرار، سماه الحق «أميا» لجمع همته، و«حرميا» لعظم نعته، و«مكيا» لتمكينه عند قربه.

شرح صدره، ورفع قدره، وأوجب أمره، فأظهر بدره، طلع بدره من غمامة اليمامة، وأشرقت شمسه من ناحية تهامة، وأضاء سراجه من معدن الكرامة.

ما أخبر إلا عن بصيرته، ولا أمر بسنته إلا عن حق سيرته، حضر فأحضر، وأبصر فأخبر، وأنذر فحدد.

ما أبصره أحد على التحقيق، سوى الصديق؛ لأنه دافعه، ثم رافعه، ما عرفه عارف إلا جهل وصفه

الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون .»

Page inconnue