Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
فبعض الصوفية يقولون: إنهم لا يرون شيئا إلا ويرون الله قبله، وبعضهم يقول: إنهم لا يرون شيئا إلا ويرون الله بعده، وآخرون يقولون: إنهم لا يرون شيئا إلا ويرون الله معه، ويقول غيرهم: ما رأينا شيئا غير الله.»
والفناء هو غاية الصوفية، ففيه يشربون رحيق الحب الأعلى، وينعمون فيه بمتع ولذائذ روحية، تنسيهم دنياهم وأخراهم ووجودهم، وكل شيء سوى المحبوب الأعلى.
والفاني كما يقول الصوفية، لا يحس بما حوله، ولا يحس بنفسه، فقد فنى عما سوى الله، ومن هنا جاء كلام الصوفية الذي لا يفهمه ولا يتذوقه سواهم، حينما يقولون في نشوة الفناء، ووقدة الحب، ليس في الوجود إلا الله.
والفناء كما يقول الجرجاني: «فناءان؛ أحدهما ذوقي، والآخر خلقي، فالذوقي هو عدم الإحساس بعالم الملك والملكوت ، بالاستغراق في عظمة الباري ومشاهدة الحق. والخلقي هو سقوط أوصافه المذمومة، واستبدالها بالأوصاف المحمودة.»
2
ويصف أبو القاسم الجنيد الفناء: بأنه دخول صفات المحبوب على البدل من صفات المحب، أي التخلق بأخلاق الله وصفاته ليكون ربانيا.
ويقول المستشرق نيكلسون:
3 «والصوفية كلها تقوم على القول بأنه إذا فقدت النفس الفردية، فقد وجدت النفس الكلية، والجذب يهيئ الأسباب التي بها تتصل الروح مباشرة بالله. والزهد والتطهر من الآثام، والحب والمعرفة والولاية، بل جميع الأفكار الأساسية في الصوفية، تنبع من هذا الأصل الجامع.»
والفناء كما يقول - الجامي - يتهيأ بجعل القلب واحدا، وذلك بتطهيره وحبسه عن الاتصال بشيء خلا الله، سواء في الإرادة أو العلم أو المعرفة، ورغبة الصوفي أو إرادته لا بد أن تصرف صرفا عن الأشياء جميعا المرغوب فيها والمراد.
ولا بد كذلك أن تطرد من خياله الواعي، كل موضوعات العلم والعرفان، ولا بد أن توجه أفكاره جميعا إلى الله لا غير، وألا يذكر معه غيره.
Page inconnue