Hallaj
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
Genres
وهكذا ترك الحلاج في الحب الإلهي وما يتصل به ثروة ضخمة من بين منظوم ومنثور.»
ويقول المستشرق بروان: «كان ظهور الحلاج إيذانا ببدء مرحلة جديدة في التصوف الإسلامي، نثره وشعره على السواء، خاصة في الحب الإلهي.»
ولا جدال في أن أخلد صفحات الحب الإلهي في التصوف الإسلامي هي الصفحات التي كتبها الحلاج نثرا ونظما، كتبها بذوب قلبه، وبقطرات روحه، وبأشد حرقة ووجد، عرفا عن محب أفنى وجوده وكيانه وروحه في محبوبه الأسمى.
يقول الحلاج: «حقيقة المحبة، قيامك مع محبوبك بخلع أوصافك والاتصال بأوصافه.»
لقد استهدف الحلاج بحبه الفناء الكامل، ليخرج من بشرية صفاته، إلى بهاء التحلي بأوصاف القدس الأعلى.
استهدف الارتفاع بالبشرية إلى مرتبة الحقيقة الربانية، التي يكمن وراء سترها المقدس سر الوجود، وسر الخلق.
فالخلق أصلا برز من عالم الغيب بالحب، وخلق بالحب، وتشكلت حقائقه وصفاته بالحب، ومن هنا أصبح الحب هو سر الكون.
وبهذا الحب وحده يمكن الإنسان أن يتصل بالحقيقة العليا، وبالمعرفة العليا، وأخيرا يمكنه به أن يحقق في ذاته الإنسان الكامل، الإنسان الذي يتخلى عن ترابيته، ليتحلى ببهاء الرجل الرباني، الذي يعيش في فيض من نور ربه وحبه.
يقول الحلاج: «كان الله قبل أن يخلق خلقه، يتحدث إلى نفسه في أحديته، حديثا حمديا، وهو يتأمل روعة ماهيته، وتأمله لذاته في بساطة هو الحب.
والحب في ماهيته هو ماهية الماهية، وهو فوق كل تشكل بأشكال الصفات، وهكذا يحب الله ذاته في انفراده بحمد ذاته، ويتجلى في الحب.
Page inconnue