Ainsi parlait Zarathoustra
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
لا صلة بيني وبين هؤلاء الناس؛ فإن فضائلهم تبعد عن فضائلي بأكثر مما تبعد عنها أكاذيبهم ونردهم المزور.
وما وجدت مرة بينهم إلا وكنت فوقهم؛ لذلك أبغضني هؤلاء العلماء، فإنهم لا يطيقون أن يسمعوا بمرور أي كان فوق رءوسهم، ولذلك وضعوا الأخشاب فوق رءوسهم، وأهالوا فوقها التراب والأقذار ليخنقوا وقع أقدامي، ولم يزل حتى اليوم أكثرهم علما أقلهم إدراكا لأقوالي.
لقد نصبوا بيني وبينهم حائلا كل ما في الإنسان من ضعف وضلال، وهم يدعون هذا الحصن لمسكنهم بالسقف المستعار.
ولكني بالرغم من كل هذا لا أزال أمشي فوق رءوسهم وأنا أنشر أفكاري، ولو أنني مشيت على عيوبي فلن أزال ماشيا فوق جباههم، ذلك لأنه لا مساواة بين البشر، وهذا ما يهتف به العدل، فما أريده أنا لا حق لهم بأن يتناولوه بإرادتهم.
هكذا تكلم زارا ...
الشعراء
وقال زارا لأحد أتباعه: منذ بدأت أعرف حقيقة الجسد لم تعد الروح روحا في نظري إلا على أضيق مقياس، وهكذا صرت أرى «كل ما لا يفنى» رمزا من الرموز.
فأجاب التابع قائلا: لقد قلت هذا من قبل يا زارا، ولكنك أضفت إليه قولك: «وكثيرا ما يكذب الشعراء.» فلماذا قلت هذا؟
فقال زارا: أنت تسأل لماذا، وما أنا ممن يحق عليهم أن يسألوا. ما أنا ابن الأمس وقد مر زمان طويل على إدراكي أسباب ما أرتئيه، وهل أنا خزانة تذكارات لأحفظ الأسباب التي بنيت عليها آرائي؟ إنما يكفيني عناء أن أحفظ هذه الآراء نفسها، أفليس في العالم عصافير تشرد من أماكنها، ولكم وجدت في قفصي من طير غريب يرتجف إذا ما أمررت عليه يدي، ومع ذلك فماذا قال لك زارا يوما؟ لقد قال إن الشعراء كثيرا ما يكذبون، وهل كان زارا نفسه إلا واحدا من هؤلاء الشعراء؟ أفتحسب أنه بهذه الصفة قد أعلن الحق؟ وما الذي يكرهك على تصديقه؟
فقال التابع: إنني مؤمن بزارا.
Page inconnue