Ainsi parlait Zarathoustra
هكذا تكلم زرادشت: كتاب للكل ولا لأحد
Genres
أما أنا فممن يبذلون العطاء، وأحب أن أعطي الأصدقاء كصديق، أما الأبعدون فليتقدموا من أنفسهم لاقتطاف الأثمار من دوحتي فليس في إقدامهم على الأخذ ما في قبولهم العطاء من مهانة لكرامتهم.
غير أنه من اللازب أن يقطع دابر المتسولين؛ لأن في الجود عليهم من الكدر ما يوازي كدر انتهارهم وحرمانهم.
وكذلك هو حال الخطاة وأهل الضمائر المضللة؛ فإن تبكيت الضمير يحفز الإنسان إلى النهش وإيقاع الأذى.
وشر من كل هذا الأفكار الحقيرة، وخير للإنسان أن يسيء عملا من أن تستولي المسكنة على تفكيره.
إنكم تقولون: «إن في التفكير الملتوي كثيرا من الاقتصاد في شر الأعمال.» وما يستحسن الاقتصاد في مثل هذا.
إن لشر العمل أكلانا والتهابا وطفحا كالقروح، فهو حر وصريح؛ لأنه يعلن نفسه داء كما تعلن القروح، في حين أن الفكرة الدنيئة تختفي كنوامي الفطر، وتظل منتشرة حتى تودي بالجسم كله، ومع هذا فإني أسر في أذن من تملكه الوسواس الخناس: «إن من الخير أن تدع الوسواس يتعاظم فيك؛ لأن أمامك أنت أيضا سبيلا يوصلك إلى الاعتلاء.»
مما يؤسف له أن يكون جهل بعض الشيء خيرا من إدراك كله، غير أن من الناس من يشف حتى تبدو بواطنه، ولكن ذلك لا يبرر طموحنا إلى استكناه مقاصده، ومن الصعب أن نعيش مع الناس ما دمنا نستصعب السكوت.
إن ظلمنا لا ينزل بمن تنفر منه أذواقنا، بل يسقط على من لا يعنينا أمره.
وبالرغم من هذا، إذا كان لك صديق يتألم فكن ملجأ لآلامه، ولكن لا تبسط له فراشا وثيرا بل فراشا خشنا كالذي يتوسده المحاربون، وإلا فما أنت مجديه نفعا.
وإذا أساء إليك صديق فقل له: إنني أغتفر لك جنايتك علي، ولكن هل يسعني أن أغفر لك ما جنيته على نفسك بما فعلت؟
Page inconnue