قال: «دعني أستأذن لك.» وعاد طويس إلى عزة وأخبرها بما رآه. فلما سمعت سمية قوله تحفزت للقيام وقالت لعزة: «دعيني أنصرف إلى أبي فقد طال مكثي عندك اليوم، ولا سيما أني أرى رجالا قادمين إليك ولا يليق بي البقاء معهم.»
قالت: «لك الخيار يا بنية، ولكن إذا انصرفت فلا تطيلي الغياب، وليكن خروجك من الباب الخلفي للدار، وذهابك من الطريق القريب الذي تعرفينه.» فودعتها وانصرفت، وجعل طويس يشيعها ببصره حتى توارت عنه، ثم التفت إلى عزة وأشار بضم أنامله وزم شفتيه إلى أنها جميلة. فأومأت إليه أن يصمت ثم قالت: «اخرج إلى الطارق واطلب إليه أن يريك وجهه أو يذكر لك اسمه.»
فذهب طويس وبعد غياب طويل عاد وهو يقول لعزة: «إن صاحبنا من أهل البادية ويهوى الغناء، وقد جاء لسماع عزة الميلاء، وقد سألته عن اسمه فأبى أن يخبرني به، ولما ألححت عليه قال إنه لا يقول اسمه ولكنه أنشدني هذين البيتين:
وذي حاجة قلنا له لا تبح بها
فليس إليها ما حييت سبيل
لنا صاحب لا ينبغي أن نخونه
وأنت لأخرى صاحب وخليل «وطلب أن أخبرك أنه قائلهما.»
فلما سمعت عزة قول طويس بغتت وتبسمت، ولولا ثقل بدنها لوثبت إلى الباب لاستقبال ذلك الضيف. فقال لها طويس: «ما بغتك يا عزة؟»
قالت: «ألا تعرف قائل هذا الشعر؟»
قال: «كلا ... ومن هو؟»
Page inconnue