فأجلسها بجانبه وهو يقول لها: «انظري يا سمية، ها أنا ذا حي، وهذه صديقتنا ليلى. إن أسباب تعاستنا قد زالت والحمد لله.»
فقطعت كلامه قائلة: «والحجاج؟ الحجاج؟» وعادت إلى البكاء.
فقال لها: «لقد جاء أمر الخليفة بأن يطلقك ويردك إلى خطيبك، وسنخرج اليوم من هذا المعسكر.» فحدقت بنظرها فيه كأنها تتحقق ما يقول، فأقسم لها بحبها أنه ما قال إلا الحق.
سكن روع سمية بعد أن اطمأنت إلى نجاتها ونجاة حسن، ثم التفتت إلى من حولها فرأت أمة الله جاريتها، وليلى الأخيلية، وهند زوجة الحجاج، فقالت: «إن السم تأخر فعله، أليس كذلك؟»
فقالت ليلى : «إنك لم تتجرعي إلا دقيق الذرة، وأما السم الذي ظننت أنك تجرعته فهو معي.» قالت ذلك وأخرجت من جيبها ورقة فتحتها وفيها السم وقالت: «ألا تذكرين الليلة التي بت فيها عندك؟ إني غافلتك وأبدلت بالسم دقيق الذرة؛ لأني خفت أن تعجلي بتجرعه دون ما يدعو إلى ذلك، فالحمد لله على نجاتك.»
فهمت سمية بليلى وقبلتها وقالت: «جزاك الله خيرا.» وكذلك شكرها حسن، ثم قص عليهم ما دار بينه وبين الحجاج حتى أتى على ذكر أبي سليمان وكيف جاء في إبان الضيق فكان السبب في نجاته من الموت، كما كانت ليلى سببا في نجاة سمية منه. وكان أبو سليمان واقفا خارج الخباء فناداه حسن فدخل وهو يقول: «هل يدخل عبد الله؟»
قال حسن: «أي عبد الله؟»
قال: «خادمك.»
قال: «فليدخل. إني أعده صديقي.»
ثم دخل عبد الله وهو يقول: «لا تظن أني تخلفت عن خدمة مولاي، ولكنني أصبحت بعد إخراجك من السجن موضع غضب عرفجة، فلم أعد أستطيع الظهور وبقيت متخفيا أتنسم الأخبار. فلما تحققت نجاتك جئت لأكون في خدمتك.»
Page inconnue