Le Hajj et la 'Umra
كتاب الحج والعمرة
Genres
قلت: أما الطواف فالمختار عدم الكراهة في أي وقت لعدم الدليل. وروي في الجامع الكافي أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لأم سلمة: (( إذا صليت الصبح فطوفي على بعيرك من وراء الناس ))، وروى ذلك غيره، وتشبيهه بالصلاة لا يفيد. أما الفرض فالفرائض لا تكره على الصحيح في أي وقت، ويدل على ذلك الخبر: من أدرك من العصر ركعة فقد أدركها، ومثله في الفجر. ثانيا، أن تشبيهه بالصلاة لا يوجب أن يكون مثلها من كل وجه. وأما ركعتاه فالأولى تركهما في الثلاثة الأوقات، أي وقت الشروق والغروب والزوال. ولا يقال خبر النهي مخصوص بخبر جبير بن مطعم: (( يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى في أي ساعة من ليل أو نهار.)) - أخرجه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد، ونحوه في الجامع الكافي، وأخرجه ابن تيمية في المنتقى، وقال: (( رواه الجماعة إلا البخاري.))، وهو خطأ، فإنه يفيد أن مسلما أخرجه، ولم يخرجه كما ذكره في نيل الأوطار - لأن كل واحد منهما أعم من الآخر وأخص من وجه، فيعدل إلى الترجيح، وتخصيص خبر جبير أولى لترجيح جنبة الحظر، ولكون أخبار النهي أكثر. وأما ما روي من التصريح باستثناء مكة أو عند البيت أو يوم الجمعة فضعيف لا يصلح للتخصيص. وأما بعد صلاة الفجر والعصر فالنهي فيهما محمول على ما إذا كانت الصلاة قبيل الشروق والغروب، كما أفادته الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (( لا تصلوا بعد الصبح ولا بعد العصر إلا أن تكون الشمس نقية )). وفي رواية مرتفعة أخرجه أبو داود والنسائي، قال في فتح الباري بإسناد حسن، وفي موضع صحيح، وأخرج مسلم عن عائشة أنها قالت: (( وهم عمر إنما نهى رسول الله صلى عليه وآله وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغروبها.))، والموجب لهذا أدلة، منها أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قضى سنة الظهر بعد صلاة العصر، واستمر على ذلك ولم تثبت دعوى أنها من خواصه وأنه نهى غيره، إذ لم يصح ذلك. ومنها أن الحسن والحسين وابن عباس عليهم السلام كانوا يطوفون ويصلون بعد العصر وبعد الفجر، رواه عنهم القاسم بن إبراهيم، وأخرجه الإمام الهادي إلى الحق في الأحكام، وأخرجه في الجامع الكافي، وروى فيه أيضا عن الحسن والحسين وابن عباس وابن عمر وأبي الطفيل وأبي جعفر وجعفر وعبد الله بن الحسن أنهم كانوا يطوفون بعد العصر ويصلون، والرواية عن الحسنين عليهم السلام مشهورة، وليس هذا موضع البسط، وإنما هو عارض ولا يخلو عن الإفادة إن شاء الله.
Page 92