Hafiz Najib : l'adib al muhtal
حافظ نجيب : الأديب المحتال
Genres
إحسان :
الشاب على جانب عظيم من كرم الأخلاق وأدب النفس؛ بل إن له من المبادئ والصفات ما يندر وجوده في السواد الأعظم من النبلاء، ولو أنه أحس بما في نفسي أو عرف شيئا من سر هذا الحب لانطرح عند قدمي يطلب يدي، ولكن الذي أخشاه هو المغامرة والمجازفة؛ فإن اندفاع الفتاة في الحب واستسلامها لأول فزة من فزات النفس قد تندم عليها كل أيام حياتها!
أسما :
يسرني أن تكوني حكيمة إلى هذا الحد يا ابنتي ... حريصة على هناء الحياة حرصك على كرامة بيتك وشرف نفسك، ولكنني في حيرة من أمرك؛ فبينما أنت تذكرين محاسن الفتى وصفاته إذا بك تنكمشين ريبة وحذرا! فهل تعرفين له صغارا ينفر منه وعيبا تتعذر معالجته؟!
إحسان :
إن التعليم والتربية وكل وسائل التهذيب النظرية لا تحول بين النفس وهواها إذا ألفت أمرا أو اعتادت سبيلا؛ فكم من كرام الكتاب من تسمم جسمه بالأفيون ... أو المورفين ... أو الكوكايين ... أو الخمر ... ولم نر أن قوة العلم أو وفرة الأدب منعته عما ألف من المخدرات مع علمه بأضرارها، فكذلك يا أمي كل هوى تشبعت به النفس وتسرب إليها ميكروب الاعتياد يتأصل فيها ويتعذر إقلاعها عنه، وأنا أعرف للفتى الذي أحبه شيئا من هذا الضعف!
أسما :
إذن هو من المدمنين المتسممين بالخمر أو المخدرات! معاذ الله يا ابنتي أن تكوني زوجا لذلك الشاب.
إحسان (تضحك) : ... لا تتسرعي يا والدتي؛ فإن عيب الفتى غير تلك العيوب؛ هو لا يشرب الخمر، ولا يتعاطى المخدرات، وإنما نشأ بين الفاتنات، وتقلب بين صنوف الهوى، وتنقل بين أذرع العاشقات، فهو يخلع مع كل ثوب هوى قديما، ويعرف مع كل ليلة قمرا جديدا، ويترك في كل قلب أثرا؛ هو يحب يا أمي كل الجميلات، وإنما غرامه لحظة، وثباته لمحة؛ فهو كالنحلة تحب الزهور الناضرة، إنما لا تقع عليها إلا لمحة فتمتص عصارتها، ثم تطلب غيرها ... فغيرها ... ففي هذا البيت يمثل الحب السفيه في كل ليلة رواية غرامية جديدة، وتحت هذا السقف تزهق أشرف الأعراض من أجمل وأكرم الفاتنات، فيحق يا أمي بهذه الغرفة أن تسمى لحد الفضيلة (تخرج من ثوبها قطعة خشب سوداء، كتب عليها بالحبر الأبيض «لحد الفضيلة» وتضعها على السرير، ثم تشير إلى خطاب مزخرف بالورد، ملقى على المائدة)
انظري يا أمي! هذه رسالة غرام من حسناء يدفعها الحب إلى السقوط، منعها الحياء أن تصرح بوجدها مشافهة، فوكلت بذلك يدها فأودعت أسرارها في قصاصة من الورق، ويعلم الله كم كانت مضطربة وهي ترسم بقلمها هوة سقوطها، ولكن الرعونة والهوس آتيا كل الاتيان على قوة إرادتها ... وعلى عفافها، فجازفت بكرامتها ... تدفنها في هذه البؤرة بثمن حقير ... بساعة أنس وتمتع بين ذراعي هذا الشيطان الظريف.
Page inconnue