Hafiz Najib : l'adib al muhtal
حافظ نجيب : الأديب المحتال
Genres
13
وكان من الممكن لقارئ «اعترافات حافظ نجيب»، أن يقتنع بوجهة نظره، وأن الأميرة فيزنسكي هي التي دفعته إلى السقوط، إذا كانت آثامه انحصرت في شخصية الأميرة وحدها! ولكن الحقيقة أن «اعترافات حافظ نجيب»، هي مجموعة من غرامياته النسائية، مصحوبة بباقة من آثامه المتنوعة! فعلى سبيل المثال، نجده يقيم علاقة مع الراقصة المشهورة «شفيقة القبطية»، ولكنه يسأم منها ومن إطالة علاقته بها، فيهجرها إلى راقصة أخرى، هي حميدة. وعن هذا الأمر يقول عن شفيقة: «الحقيقة إنني لم أتأثر إطلاقا بأنوثة هذه المرأة ولا بخلاعتها، وكنت أعرف يقينا أنها تمثل دور عاشقة في الظاهر ودور سلابة في الواقع، وكنت أدفع ثمن التسلية في هذا الجو المضطرب؛ لأن لكل شيء من الرغبات ثمنه، فكذلك التسلية. لم تدم طبعا هذه الحال لأن النفس تسأم الاستمرار على وتيرة واحدة لا تبدل فيها ولا جديد عليها، فتحول الملل إلى رغبة في التجديد وإلى دور جديدة للغناء والرقص للبحث عن وجه جديد.»
14
ولم يكتف حافظ بالأميرة فيزنسكي ولا بالراقصة شفيقة، بل وجدناه يفصل علاقاته النسائية الأخرى تفصيلا شديدا، متمتعا بسردها وشرحها وتحليلها! ومن هذه العلاقات علاقته بالراقصة حميدة، وباليهودية فرنسين، وبالراقصة منتهى الأمريكية، وبألكسندرا أفيرينو، وبإحدى الفتيات اليونانيات، وهذه العلاقات لم تسلم من اعتراف صريح من حافظ بأنه ارتكب فيها الآثام الشهوانية! حتى المرأة الوحيدة التي تزوجها في اعترافاته - وهي الكونتس سيجريس - لم تسلم من تلميحاته الشهوانية!
15
فعلى سبيل المثال، نجده يقول عن الراقصة منتهى الأمريكية في قهوة إلياس: «حان وقت انصراف الجمهور وإغلاق القهوة فألحت علي منتهى لنتم السهرة في بيتها فقبلت. نهضت من الفراش في النهار الثاني وعزمت على الانصراف فوضعت على المنضدة شيئا من النقود أجرة المبيت.»
16
ومن الغريب أن حافظ نجيب يرتكب هذه الآثام، دون أن يشعر بلحظة تأنيب ضمير واحدة، ودون أن يندم على ارتكابها، وكأنها ليست من المحرمات! والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: ما هو موقف حافظ نجيب من الدين؟! وما هي عقيدته الحقيقية، حيث إنه تنكر في شخصية راهب، ومكث في الدير عاما؟! والإجابة على هذا السؤال، جاءت على لسان حافظ نجيب نفسه، عندما قال في اعترافاته: «أنا رجل بدون عقيدة وبدون دين، لم تؤثر في الوراثة؛ لأنني لم أنشأ نشأة منظمة، في حياة عائلية تكون أبناءها بالتربية، وتكون سلوكهم بتأثير العادات والتقاليد. ولم تعلمني المدرسة تعليما دينيا يثبت في عقيدة ويكون لي مبدأ ... واضطراب حياتي وجميع ظروفي على ظهر الأرض لم تسنح فيها فرصة تحدوني إلى الاطلاع على كتاب ديني ... وأنا كسائر الخلق في هذا المجتمع لم يطرأ علي الباعث الذي يرغمني على التفكير في العقيدة والدين.»
17
وإذا انتقلنا إلى صورة أخرى من صور حافظ نجيب، كما جاءت في اعترافاته، سنجده رجلا ذكيا، ماهرا في التنكر
Page inconnue