Hafiz Najib : l'adib al muhtal
حافظ نجيب : الأديب المحتال
Genres
ورغم هذا السبب الخارج عن إرادة الوالد، نجد الابن يجحد والده، وينكره ولا يذكره باسمه أو بصفته كوالد، بل يذكره بكلمة «الرجل»!
ومن الصفات السيئة عند حافظ نجيب، كما جاء في اعترافاته، أنه كان يتمنى أن يكون غنيا، حتى يقتطف ثمار الملذات الآثمة! وكمثال على ذلك، نجده يقول وهو طالب في المدرسة الحربية، عندما تحدث عن الراقصة «ن»، التي كانت تثير غرائز الطلاب: «ونجحت حيلة المرأة فجذبت إلى دارها جميع طلبة المدرسة الحربية ما عدا السودانيين، وعدا مصري واحد. هو أنا ... لم يكن الباعث الذي عطلني على الاشتهاء والطلب هو المناعة الخلقية، أو التعفف بسبب التحصن بالأدب، إنما كان الباعث الأساسي المفرد هو الفقر.»
10
وعندما زال الفقر، وجاء المال والجاه إلى حافظ نجيب، وجدناه يقتحم حصن الملذات الآثمة بكل قوة، ويعترف بأنه اعتاد على ذلك، وبالأخص مع الأميرة فيزنسكي التي أعطته المال والجاه! وفي ذلك يقول: «كنا في حفلة ساهرة في قصر أرملة من الطبقة الراقية، وكنت في ثوبي العسكري واضح الشباب والقوة، ولست أدري كيف انصرفت عقب انتهاء السهرة من تلك الدار؛ لأنني استيقظت في الصباح فوجدت نفسي في غرفة نوم البرنسيس ... أدركت من تلك الليلة المشئومة نوع رغبتها فلم أتردد في الخضوع والطاعة، في حياء في بادئ الأمر ثم في جرأة المعتاد الراغب في الإرضاء.»
11
والملاحظ على هذا القول، أن حافظ نجيب يلصق تهمة السقوط الآثم على عاتق الأميرة، وينفيها عنه في بادئ الأمر، ونسي أنه قبل ذلك اعترف بأن الفقر هو السبب الرئيسي الذي منعه من ارتكاب الكبائر! فكيف نقبل أن الأميرة الروسية زوجة الرجل السياسي، هي التي جعلته يغيب عن وعيه، حتى يستيقظ في الصباح فيجد نفسه في سرير نومها، بعد أن ارتكب معها الإثم المحرم!
وهذا يعني أن حافظ نجيب، يحاول أن يقنعنا بأن سقوطه في الآثام، لم يكن برغبته، بل كان مرغما عليه من قبل الأميرة! وإذا اقتنعنا بذلك، فماذا نقول أمام اعتراف آخر له، قال فيه عن الأميرة فيزنسكي أيضا: «ورغم حياة الشطط والسفه كنت أحتفظ بالنظام المفروض على علاقتي بالأميرة فيزنسكي، أقابلها كل أسبوع في الإسكندرية وتقابلني في القاهرة. ولكنني كنت أشعر بانقباض الصدر في تلك المقابلات الطويلة بسبب ظهور الهرم على المرأة، وبسبب ملذات اللهو التي ألفتها وانحصرت فيها رغباتي.»
12
وهذا يعني أن الأميرة لم ترغمه على ارتكاب الآثام، كما حاول أن يوهمنا؛ لأنه هو أصلا غارق في الملذات الآثمة مع غيرها من النساء، وأن كبر السن كان السبب المباشر لابتعاده عن الأميرة، والتمتع بغيرها من صاحبات الجمال والأنوثة والشباب!
وعن هذا الأمر يقول - بعد أن هجر الأميرة وساءت العلاقة بينهما، بسبب علمها بسهراته ونزواته من النساء: «اعتبرتني البرنسيس خائنا لأنني تناسيت عطفها علي ورفقها بي ومعاونتها بالمال لتعليمي وتثقيفي ثم لتكويني في الحياة، ظنت أنها لهذه الأسباب القوية قد اشترتني وصرت ملكا خاصا لها، ولكنها نسيت أنني في طور الشباب، وأنها وصلت إلى الكهولة، ولم أنكر في أي وقت أفضال تلك السيدة ولا ما غمرتني به من أنواع الإحسان. ولكن الاحتفاظ بالمعروف لا يؤدي إطلاقا إلى حال تمنع العين من رؤية المحاسن ولا من التأثير بالجاذبية، ولا من الانطلاق مع الهوى، فدفعني نزق الشباب إلى كل ناحية ظننت فيها متعة للنفس واستجابة لنداء الغريزة.»
Page inconnue