Hafawat Nadira
الهفوات النادرة من المغفلين الملحوظين والسقطات البادرة من المغفلين المحظوظين
Chercheur
صالح الأشتر
Maison d'édition
منشورات مجمع اللغة العربية بدمشق
Genres
Rhétorique
"بسم الله الرحمن الرحيم: يابن سكران قد أعجبتك نفسك، صبغوني في عينك، أنت تعرفني إذا دحرت فكيف إذا غضبت، ها وها كدت أفعل، كنت إذا أردت أن تعمل شيء تكتب إلي وتستأذني وتشاورني، صرت تأمر وتنهى لنفسك، والله لأقطعن يدك الأخرى ورجليك، ولأضعنك في أضيق الحبوس، أنا مع أمير المؤمنين ابن عمي أعزه الله وقد خرج صلى بنا الجمعة وأنا أكلمه داه داه، أكلمه في أمير المسلمين والدين والهاشميين، وعينه في جوف عيني، وعيني في جوف فمه، لا ينظر إلى غيري، ترى لا أقدر أنتصف منك، والذي يبقى لي ابني أبو بكر وعمر وعثمان هاه من هونا يحردون الروافض عليك وعليهم لعنه الله، يا ماص بظر أمه، إن كنت منهم، وإن لم تكون منهم فلا شيء عليك، وليس أنت كما ذكرت طويتك ما دامت لك هذه العين تدور، وهذه الشعرة تعيش، والذي يعطيني في الآخرة أضعاف ما أعطاني في الدنيا منه أسأل إن شاء الله. الجزير الذي أوصل كتابك قد أطعمته البارحة مما أكلت: خبز وشواء، وكل خير وما رزق الله، فسله حتى يقل لك. البارحة وحياتك يا أبا القاسم ذكرتك وقد شربت ماء باردًا بثلج كثير، فقريت عليك وعوذتك ودعوت لك ولوالدي ولجميع المسلمين، وقلت: ترى ذاك ابن سكران وكيلي الميشوم إيش خبره في هذه الشمس الحارة ونصف النهار! وما أبالي معك بولد ولا تلد ولا أحد، فاحمل إلي الخراج وضح وصنانن الباذنجان وخيار وبطيخ وكل ما في القرية، والحملين الذي طلبتهم منك احملهم إلي في شعبان قبل رمضان، سمان سمان: واحد كبير نطبخه وآخر صغير نشويه، وسمعت أبا القاسم أعزك الله وفهمت أعزك الله يا أبا القاسم، وأطال بقاءك وأكرمك وأتم نعمته عليك، وصلى الله على محمد النبي وآله، وعلى أصحابك، قول آمين".
وعنوان آخر: "من الحسن بن عبد العزيز الهاشمي الإمام في الرصافة، وابنه أبو بكر الإمام في دار الخلافة، وابنه الآخر عمر الإمام بمصر والحرمين، وابنه عثمان يكون الإمام في مدينة المنصور، وابنه علي يكون الإمام في باقي الدنيا إن شاء الله، إلى وكيله ابن سكران" وباطنه: "بسم الله الرحمن الرحيم: تحضر الجبابرة بني دينار والأطروش خاطر وابن كيلوه، لعنهم الله فإنهم كلاب، أحاط الله أكرة برقط حتى ننظر إيش يعملون، فقد والله محمود أردت أن أضرب القريتين بالنار، ولكن الله سلمكم فانظروا كيف تكونون، وقولوا أمر سيدنا وسيدكم أبو علي الحسن بن عبد العزيز الهاشمي ابن عم النبي، صلوات الله عليه وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، بشرى من هم نحن منهم، وقد تقدم سيدنا أبو علي بإحضاركم، فتكون أعينكم بين أيديكم، والسلام".
٣٢٨ - وكان أبو الحسن القمي يكتب لروزبهان بن ونداخرشيد على إقطاعه في السواد، وخليفة عنه بحضرة معز الدولة ببغداد، وكان يهوى منداه جارية قهرمانة ابن مقلة، وهي صبية مليحة الوجه طيبة الغناء، وكان من أصواته عليها:
أيا راهبي نجرانَ ما فعلت هندُ ... أقامت على عهدي وأنّي لها عهدُ
فأراد يومًا أن تغنيه له، فقال لها: يا ستي غني في ذاك سوت:
أيا راهبي نجران ما فعلت هندي ... أقامت بلا عهدٍ وإني بلا عهدِ
فضحكت وقالت له: أعلم أنك سفلة بلا عهد! وقال لها مرة: يا ستي غني ذاك سوت: يا فاتمة بعط ذلول فضحكت وضحك الحاضرون يريد:
أفاطم مهلًا بعض التدلل
وحدثت عنه بين يديه وهو يسمع قالت: غنيت له ليلة:
أمن شميّة دمعُ العين مذروفُ ... لو أنَّ ذا منكَ قبلَ اليومِ معروفُ
وفيه لحن حسن، فأعجبه وأطربه، ولم يزل يتلفنه ويتحفظه إلى أن ظن أنه قد أتقنه، وصبر ساعة وقال لي: يا ستي بالله غني لي ذاك سوت: أمن سميته دموعك عينك ذرذف! فضحكت منه فقال: مالك؟ فأعدت البيت عليه على صحته فقال: يا باردة كله واحد.
قالت: وغنيت له مرة صوتا استحسنه وقال لي: يا ستي اكتبيه لي، فقلت له: يا هذا أنت كاتب أو أنا؟ فقال: أنا ما أحسن أكتبه بلحنه، أريد أن تكتبيه أنت بلحنه كما تحسنينه.
1 / 83