الإعلان بكل وسيلة مهذبة عن تديني وخلقي واجتهادي في عملي. (7)
العمل على كسب ثقة الرؤساء ومحبتهم. (8)
الاستفادة من الفرص المفيدة مع الاحتفاظ بالكرامة؛ مثل مساعدة أدبية تقدم لذي شأن، صداقة مفيدة، زواج موفق من شأنه تمهيد الطريق للتقدم.
ولم يكن من النادر أن ينظر في مرآة صغيرة معلقة بمسمار بين النافذة والمشجب ليتفحص منظره، وليطمئن على نفسه. من هذه الناحية لن يكون منظره عائقا في سبيله على أي حال؛ فهو قوي الجسم كأبناء حارته، ووجهه أسمر طويل ذو جبهة عالية مشرقة وشعر حليق، وبصفة عامة سيجد في جسمه الصلاحية لملء أي مركز مهما جل شأنه.
وقال لنفسه مستمدا من طواياها القوة والتشجيع: بداية لا بأس بها، وطريق بلا نهاية ..
4
ساعة اللقاء عند أعتاب الخلاء مقدسة أيضا، وهو يهرع إليها بقلب مشغوف، وبمرح من يتخفف من حمل الأيام بثقلها العتيد. هناك عند مشارف الصحراء يقوم السبيل الأثري المهجور، على أدنى سلمه يجلسان جنبا إلى جنب في أحضان الأصيل اللامتناهية، تترامى الصحراء أمامهما حتى سفح الجبل، ويغني الصمت بلغته المجهولة. سمرتها الغامقة تشبه لون المساء المتحفز، سمرة موروثة عن أم مصرية وأب نوبي توفي وهي في السادسة. زمالتهما القديمة في الحارة تمتد أصولها في الماضي البعيد حتى تتلاشى في منبع الحياة نفسه. عندما ينظر في عينيها النجلاوين الواسعتين أو يرى جسمها الصغير المدمج الفائر بالحيوية فإنه يتلقى المثال المثير لفطرته الذي يبعث في غرائزه اليقظة والابتهال. إنها قرينة طفولته في الحارة وفوق السطح، وزميلته في الكتاب، وبالرغم من أنها لم تجاوز السادسة عشرة فهي معدودة ست بيت ماهرة، وهي يد أمها الوحيدة بعد أن تزوجت أخواتها السبع.
ابتسمت سيدة. وجهها بسام دائما، وعينها مشعة، وأطرافها تتناوبها حركة رشيقة دائمة ومتوترة، وخصلات شعرها المموج الخشن ترقص في تيار النسيم الجاف الهابط من الجبل. ومرقت من الصمت المعذب قائلة: فرحت أمي بدخولك الحكومة ..
سألها في دعابة: وأنت؟
فتمادت في ابتسامتها ولم تجب. أحاطها بذراعه ولثم بشفتيه الحادتين شفتيها المليئتين. لم يجر للحب ذكر بينهما ولكنهما يعربان عنه في كل خلوة بالأحضان والقبل. وهي تشبع من نفسه جانبها المنهوم بالحياة في بساطتها ومسراتها، ويحبها بعقله أيضا لأنه يقدر مزاياها وإخلاصها، ويشعر بتلقائية بأنها كفيلة بإسعاده. - أصبحت موظفا ..
Page inconnue