ثم وهو يتنهد: ولا هواية لي، وهذا هو المزعج حقا .. - ولكنك محبوب، الجميع يحبونك .. - نعم، ولم تعد لدي واجبات عائلية بلا إنجاز، ولكنني خائف.
وجعلا يحتسيان الشاي وهو يسترق منه النظر برثاء حتى رجع يقول - الرجل: أذكر يوم التحاقي بالخدمة كأنه الأمس، إنه يوم لا ينسى مثل ليلة الدخلة، أذكره بكل تفاصيله، كيف مر ذلك العمر بهذه السرعة؟!
فانقبض قلب عثمان وتمتم: نعم كأشياء كثيرة ..
فابتسم إليه كأنما يفتتح بالابتسامة عهدا جديدا وسأله: وكيف حال أعبائك العائلية؟
تذكر ادعاءاته الكاذبة فقال: ما زال الحمل غير خفيف ..
فرنا إليه بمودة وقال: تسلمتك غلاما كبيرا ليس إلا، وها أنت اليوم رجل كامل، وعما قليل .. ولكن ما علينا، المهم ألا يسرقك الزمن، خذ بالك بكل قوة .. - عظيم، وهل يجدي ذلك؟ - على الأقل لا يجوز أن يفوتك القطار .. - هل تقصد الزواج؟ - كل شيء، دائما أراك في حال تأهب واستعداد، لأي شيء؟ وحتى متى؟ - ولكن هذه هي طبيعة الحياة ..
فلوح الرجل بيده محتجا وقال: كلنا يتكلم عن الحياة بثقة كأنما يعرفها حق المعرفة .. - لا مفر من ذلك .. - لولا وجود الله سبحانه وتعالى لكانت لعبة خاسرة لا معنى لها .. - من حسن حظنا أنه موجود وأنه أعلم منا بما يفعل ..
فقال الكهل بعمق: الحمد لله ..
وصمتا وتكلما، ثم صمتا وتكلما حتى آن وقت الذهاب. شعر عثمان بأنه لن يراه مرة أخرى. ولم تكن تربطه به إلا زمالة قديمة وإحساس بالواجب ولكنه وجد نحوه - في لحظته - أسى غير قليل. قال الكهل وهو يصافحه: أتوقع ألا تنساني؟
فقال بنبرة أحر من قلبه: معاذ الله ..
Page inconnue