وكنا دائما نحس بنظراتهم تكاد تلتهمنا، وما أقسى أن تعيش بين شعب لا يحاول أن يخفي عداوته! وهكذا ظلت الهوة تتسع حتى حدث عصيان القاهرة الذي حدثتك عنه، ومنذ ذلك الانفجار وأعصاب قواتنا في انهيار مستديم.
ورغم تعليمات بيلو وتنبيهاته اليومية، فقد فقد أحد جنودنا المعسكرين في شطانوف أعصابه ذات يوم وأطلق النار على فلاح كان يتتبعه بنظراته، فقتله.
وأحدث هذا العمل أسوأ الأثر في القرية.
وذهب الفلاحون الغاضبون بزعامة شيخ البلد لمقابلة الكولونيل بيلو، ولم ينتظر الرجل، وذهب لمقابلتهم عند الباب، وطلبوا منه أن يقتل القاتل أمامهم، فحاول بيلو أن يقنعهم أن القاتل سيحاكم وأنه سيلقى جزاءه، ولكنهم أصروا على أن يختار بين أمرين، إما أن يقتل القاتل أو يسلمه لهم لكي يقتصوا منه، ورفض بيلو كلا الأمرين، وأمر الأهالي بالانصراف.
وصدعوا للأمر وانصرفوا.
ولكن في اليوم التالي قتل أحد جنود القلعة وهو في طريق عودته إليها.
وذهب بيلو على رأس قوة كبيرة وقبض على شيخ البلد وأحضره إلى القلعة، وطاف مناد في القرية يقول: ما لم يسلم القاتل نفسه قبل مغيب الشمس فإن شيخ البلد سيعدم رميا بالرصاص.
وقبل مغيب الشمس توجه للقلعة أحد الفلاحين وقال: إنه القاتل وطلب الإفراج عن الشيخ، وأخذ بيلو الموضوع كله ببساطة، وقرر أن يشنق الفلاح بعد محاكمته على مرأى ومسمع من الفلاحين ليعتبر غيره بمصيره.
وكان هذا أسوأ قرار اتخذه بيلو في حياته.
ففي اليوم التالي، سيق المتهم إلى ساحة القرية الرئيسية، وجمع كل من وجد في القرية من أهلها وأوقفوا في الساحة ليشهدوا المحاكمة، وتكونت المحكمة من بيلو رئيسا، والماجور لاسال والسير جنت جان بروميرجر عضوين، وكان هناك ممثل اتهام، أما الدفاع فلا تدهش إذ قمت أنا به، ذلك أنني كنت قد وصلت في ذلك اليوم بالذات لأقضي بضعة أيام في ضيافة بيلو، ولأدرس حياة الفلاحين عن كثب.
Page inconnue