علي بن أبي طالب، ﵀، أنه قال: يا سبحان الله، ما أزهد كثيرًا من الناس في الخير، عجبت لرجل يجيئه أخوه المسلم في حاجة لا يرى نفسه للخير أهلًا، فلو كنا لا نرجو جنة ولا نخشى نارًا [٦/ب] ولا ثوابًا ولا عقابًا لكان ينبغي لنا أن نطلب مكارم الأخلاق فإنها تدل على سبل النجاح، فقام رجل فقال: فداك أبي وأمي يا أمير المؤمنين، سمعته من رسول الله ﷺ؟ قال: نعم، وما هو خير منه، لما أتينا سبايا طيئ وقعت جارية جماء، حواء، لعساء، لمياء، عيطاء، شماء الأنف، معتدلة القامة، درماء الكعبين، جدلة الساقين، لفاء العجزين، خميصة الخصرين، مصقولة المتنين، ضامرة الكشحين، فلما رأيتها أعجبت بها، فقلت: لأطلبن إلى رسول الله ﷺ أن يجعلها من فيئي. فلما تكلمت نسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت: يا محمد، إن رأيت أن تخلي عني فلا تشمت بي أحياء العرب، فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يفكّ العاني، ويحمي الذمار، ويقري الضيف، ويشبع الجائع، ويفرج عن المكروب، ويفشي السلام، ويطعم الطعام، ولم يرد طالب حاجة قط، أنا ابنة حاتم طيئ، قال النبي ﷺ: يا جارية، هذه صفة المؤمن حقًا، لو كان أبوك إسلاميًا لترحمنا عليه، خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق، والله يحب مكارم الأخلاق، فقام أبو بردة بن نيار، فقال: يا رسول الله، الله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال: يا أبا بردة، لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق. (١)
_________
(١) أخرجه ابن عساكر في (تاريخ دمشق) ٦٩/١٠٢.
1 / 13