46

فالحب - ولو فيما نراه نحن - هو اتصال شخصيتين - لا مجرد ذكر وأنثى - تتغلب فيه العادة على الإرادة، وقد يتفق لأكثر من شخصيتين اثنتين مع اختلاف الباعث والغرض والقوة.

وهنا تلعب العوارض النفسية لعبها الذي يخلط بين الشكول حتى ليوشك أن يخلط بين الأصول.

فالرجل أقوى إرادة من المرأة ولكنه لا يشعر بالعيب وهو يريد المرأة ويلاحقها ويحرص على احتجانها واستبقائها، ما لم يكن في ذلك مساس بالنخوة والمروءة، فيريد أحيانا وهو يبدو للوهلة الأولى كأنه مقسور.

والمرأة أضعف إرادة من الرجل، ولكنها تشعر بالعيب من ملاحقته واحتجانه، فتصد عنه وتعتصم في صدها بحظ المرأة من الإرادة، وهو العناد أو الإرادة السلبية: إرادة الامتناع.

وهذا الذي يبدو منه لأول وهلة أن المرأة في الحب أقوى إرادة من الرجل.

وقد قالت إحدى ذكيات المعلمات في معرض الموازنة بين ذكاء الجنسين أن النساء أذكى من الرجال؛ لأنهم يريدون معا سرورا واحدا والرجل هو الذي يؤدي ثمنه ويسعى إليه.

وذلك هو التباس الشكول الذي لا يسري إلى الأصول.

فإن المسألة هنا ليست مسألة الإرادة وإنما هي مسألة الشعور بالعيب بين الجنسين، ولا يعيب الذكور ما يعيب الإناث.

نعم، ولا يعيب الكفيل أن يسعى في رعاية المكفول، بل يبلغ من ذلك أن الطفل الصغير يقسرنا على رشوته ومصانعته ليقبل على تجرع الدواء، وهو أحوج إلى معاطاته وفي خطر من الإعراض عنه. •••

وكل ما تقدم فهو حديث عن الرجل الذي أحب والمرأة التي أحبت، وليس بحديث عن كل رجل وكل امرأة من الجنسين.

Page inconnue