فلا يكون الجمال أبدا في معناه بعيدا من الحرية.
ولا تكون الحرية أبدا في معناها بعيدة من الجمال.
وقد تقارب الموضوع من الطرف الآخر إذا ذكرنا أن الحرية المقصودة هنا هي نقيض الفوضى، كما أن الجمال نقيض الاضطراب والاختلاط، فالحرية تستلزم الاختيار والمشيئة.
وليس للفوضى اختيار ولا مشيئة ولا غاية.
وهذا التباين بين الجمال والفوضى من طرف وبين الجمال والحجر من الطرف الآخر، هو الذي يرجع بنا إلى التوحيد بين الجمال والحرية، لأن الحرية كذلك تناقض الحجر وتناقض الفوضى. •••
ونزيد الأمر توضيحا فنقول: إن الحرية التي تمثل الجمال هي الحرية المقرونة بالأوزان والقوانين.
فالحرية بغير أوزان وبغير قوانين هي الفوضى بعينها، أو هي ليست بحرية على الإطلاق؛ لأن الحر هو صاحب الاختيار أو صاحب المشيئة أو صاحب الغاية.
وليس للفوضى غاية، وليس للمرء فيها اختيار ولا مشيئة.
وإنما يتبين لك مقدار حريتك إذا عملت بين الأوزان والقوانين؛ فاللاعب الماهر صاحب مشيئة وصاحب قدرة إذا سار على الحبل الممدود واستطاع المسير في خفة وطلاقة، والشاعر صاحب مشيئة وصاحب قدرة إذا عبر عن معناه في الأوزان والألحان، واستطاع مع ذلك أن يقول ما يريد.
لأن الأوزان والقوانين هنا هي معيار حريته الذي يبين لنا ما عنده من قدرة وحرية في الحركة.
Page inconnue